الأمراض الوبائية في عدن.. معاناة لا تنتهي 

سجل مركز 22 مايو الجراحي خلال الثلاثة الأشهر الماضية 4878 حالة ملاريا و93 حالة حمى الضنك

وسجل مجمع الميدان الصحي بكريتر خلال مارس الماضي 25 حالة حمى الضنك و5 حالات حصبة

الدكتورة منال يعقوب:

ـ بدأ ظهور بعض الأمراض الوبائية بصورة سريعة والتي انتهت نهائيا قبل أربعة أشهر

ـ الجميع يتحمل المسؤولية وليس فقط وزارة الصحة

الدكتور سالم سكاريب: المنطقة الجغرافية لليمن وخصوصاً عدن مهيأة لأن تنتقل فيها الأمراض

نائب مدير مستشفى الجمهورية:

ـ حالات الضنك يتم استقبالها باستمرار من حالة واحدة إلى حالتين يومياً

ـ منذ شهر بدأت تتوافد حالات إسهالات مائية شديدة ما بين حالة إلى ثلاث حالات يوميا وحالات كثيرة وصلت بمضاعفات فشل كلوي حاد توفت منها حالتين

مصدر طبي: مستشفى الصداقة أستقبل حالات مرضية كثيرة مصابة بالإسهالات المائية ووصلت في يوم واحد خلال 12 ساعة 20حالة

 

عدن24| حنان يحيى – عبدالسلام الجلال

إن من أعظم نعم الله على الانسان هي نعمة الصحة، فإذا فقدها لم يعد يتمنى من حياته سوى العافية، فالعاصمة عدن تشهد هذه الأيام انتشارا كبيرا لبعض الامراض الوبائية الخطيرة مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا وغيرها، إذ تعج ممرات المستشفيات في العاصمة عدن بالمرضى الباحثين عن علاج يعيد لهم عافيتهم، من أمراض تفتك بأجسادهم الضعيفة.

وقد أعلنت الخارجية الأمريكية مؤخرا عن ارتفاع عدد حالات وباء الكوليرا في اليمن إلى ما يقرب من “148” ألف حالة خلال الربع الأول من العام الجاري.

وأشارت الخارجية، في تقرير لها عبر حسابها على تويتر بعنوان “اليمن حالة طارئة معقدة” إلى وفاة 291 حالة جراء المرض خلال الفترة طبقاً لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.

وهنا يتساءل الكثير من المواطنين لما تنتشر هذه الامراض ولماذا تعود بهذه الصورة المخيفة بعد أن تختفي لعدة أشهر، بعد حملات تحصينية ووقائية من هذه الامراض، لكن البعض يقول هو بسبب البيئة المحيطة فالقمامة متكدسة بكل مكان وكذلك المجاري التي تطفح وبشكل مستمر في كثير من الاحياء وكذلك الفقر الذي سبب سوء في التغذية لدى الكثيرين من المواطنين وخاصة محدودي الدخل.

انتشار الأمراض

شهدت العاصمة عدن العديد من حالات حمى الضنك والملاريا فقد سجل مركز 22 مايو الجراحي خلال الثلاثة الاشهر الماضية 4878 حالة ملاريا و93 حالة حمى الضنك، وسجل مجمع الميدان الصحي بكريتر خلال مارس الماضي 25 حالة من حمى الضنك و5 حالات حصبة، وفي حديث مع “عدن24” قالت الدكتورة منال يعقوب / نائبة مدير مجمع الميدان الصحي بكريتر: كان معنا اجتماع قبل يومين مع مدير الخدمات الصحية الدكتور مروان حول موضوع ظهور الامراض الوبائية، فالآن بدأت تظهر بعض الامراض الوبائية وهذه الامراض انتهت نهائيا قبل حوالي ثلاثة او أربعة أشهر مثل حمى الضنك، الكوليرا، التايفود، والملاريا وغيرها، ولكنها الان في اقل من شهر بدأت تظهر وبصورة سريعة.

وأضافت: لهذا ناقشنا الموضوع لان الجميع يتحمل المسؤولية وليس فقط وزارة الصحة وكذلك جهات أخرى يجب عليها أن تتحمل المسؤولية معنا مثل صحة البيئة، لان هذه الامراض تأتي عبر الاوساخ والقاذورات وتراكم القمامة والمياه الراكدة وطفح المجاري، وكذلك انقطاع الماء في كثير من مناطق مديرية صيرة وهذا سبب مشكلة كبيرة في الصحة نتيجة عدم وجود النظافة في المنازل التي لا يصلها الماء وهذا سبب ظهور الامراض ومن أهمها الكوليرا وقد وصلتنا بعض الحالات، مع اننا جهة اسعافية وليست علاجية أي نقوم باستقبال الحالات في تلك اللحظة ونعمل لها الازم من مغذيات ومحلول الارواء، من ثم تحول إلى المستشفيات لأنه ليس لدينا تمديد، لكننا الان بصدد فتح زاوية الارواء  في المركز كما كان في العام الماضي ومهمتها تعطي للمريض محلول الارواء وكيفية شربه، وسبب عودة هذه الزاوية هو سبب عودة الحالات المرضية.

وقالت: اما بالنسبة للإسعافات الأولية فتكون بالمغذيات والحالات تختلف إذا كانت في البداية او متأخرة ولكن عادة ما توصل إلينا الحالات المتأخرة ومرض الكوليرا من الامراض سريعة الانتشار وسرعان ما يتمكن من المريض.

واستطردت الدكتورة منال: نحن لوحدنا لا يمكن أن نقوم بكل شيء لذلك لابد أن يكون هناك جهات أخرى تقف بجانبنا وخاصة في جانب التثقيف وهذا الشي مهم جدا، فقد كان هناك الكثير من الحملات واخرها حملة التوعية لحمى الضنك وهذا الشيء نوع من التثقيف في كيفية الوقاية من هذه الامراض الخطيرة، والآن الحياة المعيشية للكثير من المواطنين والبيئة المحيطة بهم تساعد على انتشار مثل هذه الامراض، لهذا التوعية والتثقيف مهمين جدا.

وقالت: بالنسبة لحمى الضنك هناك ايضا حالات تصل ونحن نقوم بعمل الفحوصات اللازمة وإعطاء العلاجات لهم، وعلاج حمى الضنك بسيط جدا وهو الراحة والاكل، ولكننا نحاول قدر المستطاع أن نراعي حالة الناس الاقتصادية الصعبة لأنهم لا يستطيعوا على شراء بعض الأغذية الغالية.

وتابعت: التايفود والملاريا أصبحت من الامراض التي لا نقدر على تشخيصها بسرعة بعكس السابق كانت تظهر خلال الفحص بشكل سريع، اما الان يكون عنده الملاريا لكن لا يظهر في الفحص والسبب قد يكون في أن الناس لديهم مناعة لهذا لا يظهر المرض فتكون عند الحالة بعض الالتهابات الخفيفة مثل اللوز والصدر وبعض الأحيان نكتشف بعد فترة أن هذا كان سببه الملاريا، لذا نحن الآن نحاول نغطي في حالة الشك بأن تكون هذه الحالة ملاريا نقوم بإعطائها علاج الملاريا كنوع من الوقاية.

وأضافت: التايفود من الامراض التي تأخذ وقت في العلاج أي إذا أصاب به شخص وظهر بفحص الدم أن عنده تايفود هنا لازم نعطيه العلاج رغم أن التشخيص الرئيسي للتايفود هو عبر البراز اما في الدم يظهر فيما بعد، وبعد أخذ العلاج ومرور أربعة أشهر يعود المرض مرة أخرى أي التهاب بسيط ممكن يظهر أن لديه تايفود لهذا نحن نوصي بالأكل خاصة أصحاب هذه الامراض.

وبالحديث عن دعم وزارة الصحة قالت الدكتورة منال: إنه عند ظهور الوباء تقوم الوزارة بالدعم وتقديم الادوية والمحاليل اللازمة كما أن هناك علاجات تصل الينا كل شهر او كل ثلاثة أشهر، كما أن وزارة الصحة لا تتحمل كل العبء، فالناس تلقي اللوم عليها لكن هناك جهات أخرى مسؤولة عن انتشار هذه الامراض مثل صحة البيئة والمياه والصرف الصحي وأيضا، يوجد هنا مواطنين يقومون بالبناء العشوائي وبسبب هذا تخلط انابيب المياه مع انابيب الصرف الصحي وهذا شيء خطير جدا، بالإضافة الى النزوح فالان عدن تشهد نزوح وبشكل كبير وهؤلاء النازحين يأتوا حاملين الأمراض ويختلطوا مع الناس في المدينة وهذه مشكلة كبيرة أيضا بالنسبة للصحة او لاي خدمات أخرى مثل المياه والصرف الصحي والسكن وغيره.

وأكدت أنه قد تم القضاء على هذه الامراض والاوبئة قبل عدة أشهر ولكن الآن بدأت بالعودة لان الأسباب كلها حلقة واحدة وكذلك الحلول.. لهذا نحن بحاجة لتكاتف الجميع، فنحن عندما نشتبه بحالة كوليرا نقوم بعمل نزول لبيت المريض والبيوت المجاورة من اجل أن نعرف بؤرة المرض ونقوم بالوقاية ولدينا فريق اسمه الاستجابة السريعة وهو يقوم بهذه المهمة وقد رصدنا الكثير من البيوت التي تعيش في حالة لا توصف بسبب الفقر وغياب الثقافة، وهذا ما يساعد على انتشار الامراض، كما أن الحملات التي نقوم فيها يرفضها البعض، مثلا حملة الكوليرا التي قمنا بها مؤخرا التي كانت عبارة عن قطر رفضها الكثير حتى أن هناك أطباء رفضوها وكذلك النازحين الذين قدموا من المحافظات الشمالية لم يطعموا وهذا ما سبب عودة المرض فقد ظهر في الناس التي لم تطعم وغالبا ما تظهر في ضعيفي المناعة.

وقالت: بالنسبة للأدوية المجانية التي تأتي من وزارة الصحة فهي تكون غير كافية إذ أن الحالات المسجلة أكبر بكثير من الكمية التي تأتي لذلك عند وصول هذه الادوية تستنفذ الكمية بسرعة، لكن هناك ادوية كثيرة موجودة بشكل مستمر مثل الدريبات والمضادات الحيوية وغيرها، لكن في بعض الأوقات هذه الادوية تستنفذ بسبب كثرة الحالات التي تصل للمركز، كذلك المختبرات مجانية بحسب المحاليل الموجودة لدينا لذا على وزارة الصحة والمنظمات يقوموا بتوفير المحاليل للمختبرات في المراكز الصحية.

 

حالات اشتباه

تتحدث الكثير من المراكز الطبية عن الحالات المشتبه بها التي تصل إليهم سواء بمرض الكوليرا او حمى الضنك او الملاريا او التايفود او غيرها.. وفي هذا قال الدكتور سالم سكاريب | مدير مجمع القطيع الصحي بكريتر: نحن الان في حالة تأهب واستعداد لكن الحالات التي تصل الينا حتى الان لم يثبت مائة بالمائة أنها كوليرا او حمى الضنك وهذه الحالات نسميها حالات مشتبه فيها ونتعامل معها كأنها حالات اسهال مائي مشتبه فيه فنعمل الإسعاف الاولي ونشوف احتياجات المريض التي يحتاج لها، وكذلك حمى الضنك نعطي العلاج اللازم له وبعدها نخليه يتابع جهة أخرى في حالة استمرت الاعراض.

وأضاف: الحالات التي تصلنا ليست كبيرة أي انها ليست جرس انذار فقط هي حالة او حالتين، ولكن قد تزيد هذه الامراض في منطقة عن منطقة أخرى لكن هنا في كريتر لم تصل حالات كثيرة من أجل أن نسميها حالة وباء.

وقال: الحملات التي تقام هي فقط للحد من هذه الامراض واغلب الحملات كانت على الحصبة وشلل الأطفال والبرنامج التحصيني مهتم بدرجة رئيسية بهذه الامراض لإنها موجودة ونحاول الحد منها وإلى الان تقلصت بشكل كبير خاصة شلل الأطفال لأنه عبارة عن إعاقة دائمة وهو عبارة عن فايروس يأتي من القرن الافريقي ونحن نقوم بإعطائهم هذا اللقاح من أجل أن يتجنبوه، والمنطقة الجغرافية لليمن وخوصا عدن مهيئة لان تنتقل فيها الامراض.

وتابع: هناك حالات كوليرا سمعنا عنها لكن لا يوجد أي جهة رسمية أعلنت ذلك وظهرت هذه الحالات في مديرية الشيخ عثمان ومناطق أخرى في راس العارة لكن في كريتر إلى الان لا يوجد أي حالة كوليرا مؤكدة مائة في المائة.

وأضاف: نحن في حالة تأهب دائمة خلال فترة الدوام ولكن نحن جهة اسعافات أولية وليست علاجية فأي حالات توصلنا نقوم باللازم لها ثم ننقلها الى مستشفى لان هذه الامراض تحتاج الى متابعة المريض على مدار الساعة.

وأكد أنه يجب على وزارة الصحة عند ظهور حالة مرضية من هذه الامراض التي تعد من الأوبئة مثل الكوليرا وحمى الضنك وغيرها تقوم بمحاصرتها في المنطقة التي ظهرت منها ومعرفة بؤرة المرض فمثلا حمى الضنك بؤرتها البعوض والمياه الراكدة والمكشوفة لهذا عند ظهور أي حالة في منطقة ما يجب النزول الى هذا المنطقة والبحث عن أسباب ظهور هذا المرض ومكافحته ومحاصرة المرض في تلك المنطقة.

 

الطاقة الاستيعابية للمستشفيات

من اهم الخدمات التي يجب على الحكومة تقديمها للمواطنين هي المستشفيات والمراكز الصحية ويجب عليها ايضا تحسين جودة خدماتها وقدراتها الاستيعابية للمرضى خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، وهنا تحدث الدكتور أحمد الحدي مسؤول الأطباء في مستشفى 22 مايو الجراحي عن قدرة المستشفى على استيعاب المرضى وكيفية استقبالهم وتقديم العلاج لهم حيث قال: نستقبل جميع الحالات الوافدة الى المستشفى ويتم معاينة الحالات ومن ثم فرزها على حسب نوعية المرض، فمثلا الحالات الباردة يتم معالجتها واستكمال علاجها في البيت، اما الحالات الباطنية التي تحتاج الى تمديد والمتابعة يتم عمل لها الإسعافات الأولية في الطوارئ ومن ثم تحويلها الى مستشفى اخر لعدم وجود قسم باطني بالمستشفى سوى بعض حالات القلب اذا وجد لدينا سرير انعاش يتم تمديدها حتى تستقر حالة المريض من ثم يحول الى مستشفى أخرى.

وأضاف: ايضا هناك حالات الاسهالات المائية والتي يجرى لها اسعافات أولية من ثم تحول الى مستشفى الصداقة قسم الكوليرا لعدم وجود قسم خاص بالكوليرا.

واختتم بالقول: المستشفى تحتاج الى مزيد من الادوية التي يستفيد منها المرضى خصوصا حمى الضنك والاسهالات كونها حالات كثيرة تتردد على المستشفى.

من جهته قال نائب مدير مستشفى الجمهورية العام د. طارق مزيدة: إن حالات الضنك يتم استقبالها باستمرار من حالة واحدة إلى حالتين يوميا ويتم علاجها بواسطة المحاليل الوريدية وخافضات الحرارة وبعض الاحيان نقل الصفائح الدموية.

وأضاف” منذ شهر بدأت تتوافد حالات اسهالات مائية شديدة ما بين حاله إلى ثلاث حالات يوميا وحالات كثيرة وصلت بمضاعفات فشل كلوي حاد توفت منها حالتين.

وأوضح مزيدة” أنه لا يتوفر في المستشفى قسم خاص بالإسهالات كونه تم افتتاح واعتماد مركز الإسهالات والوبائيات في مستشفى الصداقة كما انه لا تتوفر سعة سريرية تكفي كون معظم الجرحى يتوافدون إلى المشفى بالإضافة إلى المرضى المواطنين الذين لديهم امراض القلب والجهاز التنفسي وامراض الكلى والمسالك البولية والاصابات الطارئة.

وأشار مزيدة” إلى أنه لا يتوفر في مستشفى الجمهورية محاليل وريديه كافيه ومضادات الاسهالات كالمضادات الحيوية اللازمة لمجابهة الاسهالات الحادة بالإضافة إلى عدم توفر جهاز فصل الدم لنقل الصفائح لمرضى حمى الضنك الذين لديهم نقص حاد في الصفائح الدموية.

 

زيادة توافد المرضى

مستشفى الصداقة هو الأخر شهد استقبال حالات كثيرة مصابة بمرض الكوليرا وزاد توافد المرضى خلال الايام القليلة الماضية حيث فاقة قدرته الاستيعابية، كون المشفى يستقبل حالات من مختلف المحافظات.

وقال مصدر طبي أن مركز مستشفى الصداقة الخاص بمعالجة الكوليرا أستقبل حالات مرضية كثيرة مصابة بالإسهالات المائية ووصلت في يوم خلال 12 ساعة 20حالة تقريبا مقسمة على “ABC”.

حيث أن “A ” خفيفة تبقى في المركز ساعتين وتغادر اما “B ” في الغالب تبقى تحت الرقابة الطبية لمدة تتراوح لمدة 6 ساعات.

أما “C” تحتاج إلى تمديد وترقيد وغالبا تدخل بمضاعفات مثل الفشل الكلوي الحاد.

وأكدا المصدر أن اغلب الفئة هي من الدرجة C”” كبار السن كونهم يدخلوا بالجفاف الشديد بسرعه.

وأضاف المصدر” أن المركز متخصص بالاسهالات فكل الحالات الوافدة إليه تكون اسهال وإن كان بعضها ماله علاقة بالكوليرا لكن الخوف من هذا المرض دفع الناس للتأكد من الحالة.

وأوضح المصدر أن الممول الاقوى للمركز ويكاد يكون الوحيد هي المنظمات باختلافها، من حيث تقديم رواتب الاطباء والتمريض وحتى العلاجات والمتطلبات البسيطة الاخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى