تحليل خاص | الدورة الثانية للجمعية الوطنية بحضرموت .. ملامح الدولة الجنوبية

عدن24 | خاص

مع بزوغ فجر كل يوم جديد تتجلى ملامح الدولة الجنوبية الحرة المدنية بكل إشراقاتها كالشمس في ضحاها ولعل أعمال الدورة الثانية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي التي احتضنتها حضرموت الخير والعطاء منذ استهلالة الأسبوع الحالي تحت شعار “استعادة الوطن وبناء الدولة الجنوبية المدنية الفيدرالية المستقلة” لدليل قاطع وبرهان ساطع على الاصرار الوطني لشعب الجنوب في المضي قدما نحو تحقيق هذا الهدف النبيل وجاءت هذه الدورة بعد نجاح الدورة الأولى التي انعقدت في العاصمة عدن العام الماضي خلال الفترة 8 حتى 10 يوليو 2018، ومثلت بحق الاستحقاق السياسي المهم والبارز على صعيد الساحة السياسية الجنوبية.

لقد تمثلت الارادة الشعبية بكل تجلياتها في الدورة الحالية للجمعية الوطنية وكانت حضرموت الروح المفعمة بجذوة العزيمة والاصرار من أجل بلوغ الهدف المنشود المتمثل باستعادة دولة الجنوب، فالشعب قد أصبح اليوم واعيا ومدركا صواب خياره الذي لن يحيد عنه أبدا بعد أن ثبتت على الأرض مداميك الدولة الجنوبية التي يلوح افقها في المستقبل القريب، ولقد أصاب الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في تأكيده لحق الجنوبيين عندما قال : لن يرغمنا أحد على القبول بمصير سياسي لا يمثل رغبتنا ولا يعبر عن ارادتنا وتطلعاتنا.

وأردف قائلا: هذا دورنا الذي لن نتوانى عن القيام به في كل الظروف.

وجدد التأكيد على عزم الرجال بتحويل الحلم الى حقيقة سيلمسها ويعيشها كل جنوبي حر شريف، فالوطن قطاره آت آت لامحالة بل أصبح قاب قوسين أو أدني ولكم كان لكلمات وعبارات الرئيس القائد أمام أعضاء الجمعية الوطنية وقع عظيم في النفس حين أفصح بصدق الأوفياء للقضية وللشعب قائلاً: بيننا عهد الرجال للرجال، والوطن أمانة في أعناقنا جميعا، فلنكن على قدر من المسؤولية لتمثيل شعبنا العظيم .

وهو يجدد التأكيد أيضا بالقول: نحن جميعاً قد قررنـا استعادة الوطـن الجنوبي من خاطفيه، وسنمضي قُدُماً متمسكين بثوابت القضية وطموح الشعب وآماله وأهدافه.

ان المتتبعين والمراقبين لهذا الحدث التاريخي الكبير بين أحضان وثنايا حضرموت أدركوا اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن الصوت المجلجل بوفائه للشعب صداحا بعنفوان الاباء المتمثل بالمجلس الانتقالي هو عينه الشرعية الحقيقية لأبناء الجنوب الذين يرون بأم أعينهم تباشير وملامح وبزوغ فجر يلوح في الأفق القريب ليمحو ظلام ليل ظل جاثما عبى صدر الوطن ردحا من الزمن.

اليوم ومن حضرموت تطل شمس الحرية لوطن طال انتظار شعب الجنوب له للبدء بمرحلة جديدة في البناء والتعمير وهو يودع ليل الماسي والقهر والاستبداد، ولقد مثل انعقاد الدورة الثانية في حضرموت كذلك تحديا صارخا للإرهاب والإرهابيين الذين عاثوا في الأرض الفساد ونشروا الارهاب في كل مناطق الجنوب ومنها حضرموت التي عانت الأمرين من هذا الارهاب واكتوت بنيرانه كغيرها من مناطق ومحافظات الجنوب بدءاً من عدن والى وأبين وصولا الى لحج ثم شبوة وكافة مناطق الجنوب الأخرى، وهذا ما أكده كذلك الرئيس الزبيدي في كلمته التي القاها أمام أعضاء الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي في دورتهم الثانية وقال فيها: عانينا من الإرهاب السياسي، والتطرف السياسي، والفكر المتطرف الذي تمت صناعته وتوجيهه الينا للقضاء على أصواتنا وكسر إرادتنا .

لكننا حاربنا التطرف والارهاب بكل ما نستطيع من قوة، وحققنا في ذلك نجاحات كبيرة فنحن اليوم في المكلا التي سُلمت يوماً من الأيام لداعش والقاعدة، وخرجوا منها بفضل اهلها وبفضل اسهامات الجنوبيين معهم.

لايختلف اثنان مطلقا في أن الجمعية الوطنية تمثل المشروع الوطني الجنوبي الشامل لمختلف قطاعات وجوانب الحياة التي تمس مصالح فئات وشرائح المجتمع الجنوبي كافة دون استثناء، ولذلك لابد أن يدرك الجنوبيون المنضوون في اطار برلمان فاشل انتهت ولايته في الشمال وبإمكانهم العودة الى الجنوب والعمل معا في اطار برلمان جنوبي حقيقي

وقد وجه رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي دعوة عامة للجنوبيين بضرورة الالتحاق بركب الانتقالي، وهذه اشارة واضحة تماما لطي صفحة الماضي والمعاناة والحرمان وفتح صفحة جديدة نحو مستقبل مشرق للجنوب والجنوبيين، وفقاً للأسس الكفيلة ببناء الدولة الجنوبية المدنية الحديثة التي تتسع لجميع أبنائها ومبادئ التصالح والتسامح الجنوبي وأسس النظام والقانون والعدالة والمساواة وحرية الرأي والتعبير والتعددية.

وهذه مسألة أصبح الجنوبيون يدركونها جيدا ويعلمون علم اليقين خيوط التآمر التي نسجها وينسجها أعداء الجنوب وقضيتهم العادلة ونضالهم الدؤوب منذ ان انطلقت شرارات الثورة السلمية عام 2007م وسقط خلالها الآلاف من الشهداء في هذا الجنوب الحبيب والعزيز على قلوب كل الجنوبيين الذين أدركوا كما أشرنا سلفا خيوط التآمر، ولعل هذه الدورة الثانية مثلت أيضا انعكاسات ايجابية لتلك النضالات الثورية وتركز على أهمية الاستحقاق الوطني باستعادة دولة الجنوب الذي يصنعه اليوم كل الجنوبيين دون استثناء فهم أصحاب المصلحة الحقيقية لثورة الجنوب واليوم تترجم هذه الدورة في توصياتها ومخرجاتها ذلك الأمر الذي أصبح اليوم حقيقة واضحة لا ينكرها الا جاحد.

دورة الجمعية الوطنية الثانية للمجلس الانتقالي الى جانب تركيزها على عدد من المحاور المهمة التي تستجيب لتطلعات الجنوبيين وحقهم في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم كاملة السيادة، تعاطت بجدية مع ملفات الفساد خاصة المالي وفي عدد من القطاعات الخدمية والتنموية أبرزها الكهرباء بالإضافة الى التطورات المتلاحقة في الملفات الاقتصادية والتنموية الأخرى، وتدرك هذه الدورة تعقيدات المرحلة الراهنة التي تتطلب تضافر جهود الجميع الذين ينبغي عليهم الاسهام الفاعل في ترسيخ مقومات الدولة على طريق استعادة الدولة الجنوبية ومن الأهمية بمكان توحيد الصف الجنوبي من أجل تحقيق هذا الهدف العظيم لشعب الجنوب.

ان المتتبع لأعمال هذه الدورة الثانية للجمعية الوطنية الجنوبية يتجلى في قرارة نفسه أن الجنوبيين قد وضعوا وبثبات أقدامهم على أرض صلبة يمضون وبخطى واضحة بعد أن أضيئت ملامح الطريق بشموع الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة الزكية تربة الجنوب ..انهم سائرون نحو الهدف الحقيقي.. نحو الدولة المدنية الحديثة الفيدرالية التي طالما انتظروها بالنضال والعمل الدؤوب وبالتضحيات الجسام والتي ستتحقق بعد أن سالت الدماء أنهارا، أيعقل بعد كل ذلك أن يتراجعوا ويتنازلوا عن الحق الشرعي ؟ كلا ولا وألف لا فعروس البحر العربي ومنارة العِلم والمعرفة والسبّاقة بالتضحيات الجسام المعروفة للجميع تجدد العهد اليوم بـأن ثمن الدماء التي سالت هو عودة هذه الدولة الحديثة فمن ذا الذي يقدر اليوم على اعادة عجلة التاريخ الى الوراء فالمعادلة التاريخية والعلمية وقدرة تؤكد أن لامجال ولا خيار سوى بإحقاق الحق واستعادته لأصحابه فلا مناص من ذلك، وليعلم القاصي والداني أن ارادة الشعب فوق كل اعتبار وكل المراهنات فليذهبوا بعيدا بمشاريعهم وأجنداتهم التي لا تتفق مع مصالح شعب الجنوب فمشاريعهم لا تعدو كونها مشاريع نهب لمقدرات شعب ظل يرزح ردحاً من الزمن تحت نير الظلم والاحتلال الذي انقض على الحرث والنسل فليرفعوا أياديهم عن الجنوب الحر الأبي.

إنهم بشتى الوسائل يستمرؤون القتل ضد أبناء الجنوب على رأسهم الاصلاح والحوثي ومن ورائهم داعموهم قطر وإيران (محور الشر) مستخدمين ورقة الإرهاب للاستمرار في نهب خيراته ومقدراته ومن أجل كسر عظم أولئك الذين عثوا في الجنوب الفساد ونشروا الارهاب استطاع الجنوب أن ينتصروا في كل محطات المواجهة وقد دفع الجنوب من أجل ذلك الدماء وقوافل الشهداء.

الرئيس القائد جدد القول ان الجنوب خسر الكثير من الكفاءات والهامات الوطنية بسبب استخدام ورقة الارهاب، ومن عروس البحر العربي التي ينبغي أن يسلم واديها لها أطلق الرئيس القائد في كلمته عبارات واضحة لا يساورها الشك مطلقاً اذ شدد على أهمية مواصلة العمل الوطني الجاد في مقارعة الارهاب الذي لا يزال يهدد ابناء وادي حضرموت ويمثل خطرا على السكان هناك وأنه لا بد ان يعود وادي حضرموت لأهله مثلما عادت المكلا، وكافة مدن الساحل .

وأفصح عن الأمل في انهاء هذه الأفة الخبيثة التي لن يستمر تمركزها في الوادي مهما كلف ذلك من ثمن .. وقال: سيجدنا ابناء حضرموت في مقدمة صفوفهم فهذه الارض تستحق ان نضحي من اجلها.

الحقيقة المثلى والتي يدركها كل عاقل بل ويدركونها هم أنفسهم أولئك الذين يسوقون الارهاب ويستخدمون ورقته أن التجربة قد اثبتت ان ابناء الارض هم وحدهم القادرين على حماية ارضهم والذود عنها، ومن غير المعقول ان يحرس حضرموت من لا ينتمي لها .

المراقبون السياسيون والذين تابعوا اعمال الدورة الثانية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت التي تضررت كثيرا

من الارهاب واكتوت بنيرانه أعادوا الى الأذهان المحاولات البائسة واليائسة التي أرادوا من خلالها كسر المواطن الجنوبي لكنها باءت بالفشل وتبين جلياً بما لا يدع مجالاً للشك أن جماعة الإصلاح “الاخوان المسلمين” متورطون ومتواطئون مع تنظيم القاعدة الارهابي في العمليات الجبانة والغادرة التي استهدفت عدداً من القادة والعسكرين في حضرموت الساحل والوادي، باعترافات مصورة وموثقة لتلك العناصر الارهابية التي تتخذ مديرية القطن بوادي حضرموت معقلاً لها ولقادتها المجرمين، لتنفيذ عمليات في ربوع محافظة حضرموت المسالمة .

نعيد الى الأذهان ما ورد في كلمة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي في إشارته الواضحة والصريحة الى حزب الاصلاح الذي لا يؤمن مطلقا بهزيمة الحوثي ولا يزال مصراً على ان معركته في عدن وحقول نفط بيحان والعقلة ووادي حضرموت ومنفذ الوديعة.

وألمح الى أن المؤامرة التي تُحاك ضد وادي حضرموت والعقلة وبيحان في شبوه، لها اكثر من وجه، غير ان استمرار استغلال الملف الإنساني والخدماتي في هذه المناطق يُعد سابقة خطيرة اذ بات الأمر معلوما يقينا بأبعاد ذلك الأمر ذلك المتزامن مع التجييش في هذه المناطق على حساب الخدمات والتنمية، عن هذه المسألة أكد الرئيس القائد ان ذلك لن يكون حلاً ولن يكون حاجزاً امام اهل هذه المناطق فالشعب قد انتصر ولم يبقَ الا القليل.

الأمور واضحة تماما وليست بحاجة الى تأمل أو تفسير أكثر مما هو مكشوف للعيان فهذه فحقائق واضحة المعالم تفصح عن نفسها وتفيد أن الامور تسير وفق مخطط مدروس سلفا بين اخوان الاصلاح والحوثي نفسه بدعم ورعاية قطرية ايرانية تركية للامعان في نهب ثروات الجنوب وقتل خيرة أبنائه ووأد القضية الجنوبية، ولعل حادثة الطائرة المسيرة التي تماهت مع الاغتيالات التي ينفذها الاصلاح أصبحت مكشوفة تماماً للقاصي والداني التي تفيد بأن الاصلاح المتغلغل في ما يسمى بالشرعية يعمل معا مع الحوثي وفقا استراتيجية سياسية سرية هدفها القضاء على القضية الجنوبية من خلال قتل الرموز الوطنية وسرقات أموال وخيرات ومقدرات الجنوب.

أما اليوم مع تراكم الخبرات النضالية لشعب الجنوب فلن يجد هذا العدو للشعب متنفساً في أن يسلب الحقوق أو يصادرها أو يختطف منطقة بعينها فحضرموت التي احتضنت أعمال الدورة الثانية للجمعية الوطنية الجنوبية من حقها أن تنعم بالسلام فلا مكان للإرهاب بين أبنائها أو سهولها ووديانها وسواحلها.

اليوم ومن خلال دورة الجمعية الوطنية في حضرموت وفي قراءات سريعة لمخرجاتها تؤكد للقاصي والداني .. العدو قبل الصديق أن نهج الحوار والسلام سمة مثلى من سمات الجنوبيين الذين لن يحيدوا عنها مطلقا وهي التي يبلورها ويترجمها عمليا المجلس الانتقالي الجنوبي ويكفي أن نتذكر جليا ما ردده مرارا وتكرارا القائد الرئيس في أكثر من مناسبة ” اننا سنأتي الى من لم يأت الينا ” ذلك يؤكد بما لايدع مجالا للشك أو المواربة تبني والتزام المجلس الموقر بنهج الحوار والسلام ووحدة الصف الجنوبي ومبدأ التصالح والتسامح كطريق امن لمستقبل شعب الجنوب وقضيته العادلة.

دورة الجمعية الوطنية الثانية خاطبت أبناء حضرموت اليوم من القلب الى القلب وعلى لسان رئيسها اللواء أحمد سعيد بن بريك قائلاً “إن اليوم لحضرموت أن تنعم باستقلالها في الجنوب وأن يستفيد أهلها من خيراتها وثرواتها ولهم كامل السيادة على أرضها”.

كل ذلك تأكيد بل وإجماع وطني على أن الجنوبيين هم اليوم الذين يصنعون المجد بأيديهم وبعقولهم وبجذوة ارادة شعبية لاتلين ويقدمون درسا جديدا لأولئك الذين يشككون بقدرة الانسان الجنوبي تحت راية قيادته الحكيمة الممثل الشرعي والوحيد المجلس الانتقالي الجنوبي لشعب الجنوب وهذا ما يجمع عليه محللون سياسيون على مستوى الوطن العربي والعالم بعد ما رأوا تلك الحماسة الواعية التي انبثقت من بين ركام الحرب العبثية وبزغت اشراقاتها من بين ظلمات الليل الحالك وقد أعاد مراقبون سياسيون الى الأذهان تلك الدروس التي قدمها شعب الجنوب تحت راية قيادته الممثلة بالمجلس الانتقالي برئاسة قائدها عيدروس قاسم الزبيدي وأجمعوا على أن درس الـ14 من فبراير قد مثل برهانا واضح المعالم للتلاحم الشعبي والجهد الشبابي والحراك السياسي الفاعل على الأرض وبثبات، فهذا الدرس يحمل في طياته رسائل عدة لأولئك المتشككين المرجفين من عزائم رجال الجنوب ونسائه، وفي المقدمة شبابه الذي قدم تضحيات ليست بالمكان والقدر الهين من أجل نصرة قضية الجنوب العادلة، ولعل أبرز هذه الرسائل تتمثل في نبذ كل من يحاول المساس بالقضية العادلة لشعب ظل يناضل من أجلها ردحا من الزمن.

وقد أفصحت آراء المتتبعين من مراقبين ومحللين سياسيين للوضع في الجنوب أفصحت عن أن أولئك الذين مازالوا يعمهون في غيهم ويشككون من المسار الثوري والوطني الجنوبي بكل تنوعاته انما هم أشبه بمن يصطدم بجدار صلب أصم فمكانهم سيؤول بكل سفسطاتهم الى مزبلة التاريخ ـ أما أبناء الجنوب الأبطال الشرفاء وبكل فئاتهم ومشاربهم واتجاهاتهم ينطبق عليهم قول الشاعر المتنبي على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى