#تقرير_خاص | الطفولة في الجنوب.. حقوق مسلوبة وأحلام منتظرة

عدن24 | خاص

مع الحلم المنشود في استعادة دولة الجنوب، يحلم أطفال الجنوب بأن تعود مع وطنهم حقوقهم التي سلبت منهم وأحلامهم التي أضاعت طريقها إلى واقعهم.

وبسبب الأوضاع التي يعيشونها في وطنهم ومجتمعهم، لا يعيشون طفولتهم الحقيقية، وكيف يعيشونها والحرب تقرع طبولها فوق رؤوسهم بين الحين والآخر.

فمنذ قيام الوحدة المشؤومة بين الشمال والجنوب، ضيعت حقوق الجنوبيين كافة بكل فئاتهم وأطيافهم، وما كان أكثرها ألما تلك الطفولة التي وُئدت دون ذنب، وطُحنت بين أطماع وخلافات السياسيين.

ومن أبسط حقوق الطفل هو اللعب واللهو، إلا أننا لا نرى ذلك في العاصمة عدن وغيرها من مدن وقرى الجنوب، حيث تشاهد الأطفال يجوبون الشوارع بين مشرد ومتسول وبين من يعمل لتوفير لقمة العيش، وهناك آخرون يجوبون الشوارع والمساجد بحثا عن الماء الذي لا يصل إلى منازلهم، وغيرها الكثير من المآسي.

ولا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، فالطفل في الجنوب قد يحرم حقه في التعليم بسبب الظروف المادية أو الأسرية، وإذا تعلم فلن يكون ذلك التعليم الذي ينشده أو تنشده له أسرته، فالمدارس لم تعد كما كانت سابقا قبل قيام الوحدة، فهي الآن تفتقر لأبسط الخدمات والمقومات، التي تجعل منها مدرسة تخرج أجيالا تبني المستقبل.

الطفل في المجلس الانتقالي الجنوبي

إن تحركات المجلس الانتقالي لم تنسى فئة الأطفال التي همشتها حكومات اليمن على مدى عقود، ورغم انشغال المجلس بأمور ومشاكل كثيرة تخص استعادة الدولة وأمنها واستقرارها، لم ينسَ براءة الطفولة، فكانت دائرة المرأة والطفل في الأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي معنية بالطفل وكل ما يتعلق به.

لهذا قامت صحيفة “عدن24” بزيارة لدائرة المرأة والطفل، والتقينا بالأستاذة اشتياق سعد رئيس دائرة المرأة والطفل بالأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، لمعرفة المزيد حول وضع الطفل وما الذي تسعى له الدائرة من اجل تحسين وضع الطفل والطفولة في الجنوب، وبدأت الأستاذة اشتياق حديثها بالقول إنها استلمت الدائرة حديثا منذ شهرين، وأن هناك دعما للطفل من قبل المجلس داخل دار الأيتام ورياض الأطفال وفي المدارس، وهناك أيضا انشطة قام بها المجلس الانتقالي للأطفال لكننا نأمل أن تكون هناك أشياء أكثر من هذه، لتأسيس حياة أفضل للطفل في الجنوب فهو العماد الأول والأخير في بناء المجتمع والدولة ونتمنى أن يكون هناك اهتمام كبير به، فالمجلس حاليا منشغل بأمور أكثر أهمية.

وأضافت: “إن دور الدولة في رعاية الطفل معدومة تماما، إذ أننا دخلنا شرطة الأحداث ورأينا شيئا مؤسفا للغاية، فجميع الأطفال لا يمتلكون مقومات الحياة داخل شرطة الأحداث، فهي غير مؤهلة نهائيا، لا تجد مياها للشرب ولا تجد مطبخا فيه طعام”.

وتابعت: “نحن نلاحظ أن توافد الأحداث إلى شرطة الأحداث الآن أصبح شيئا مستمرا خاصة من بعد الحرب، وهذه المؤسسة تفتقر لوجود حراسة فيها، كما أن الشرطة غير مؤهلة أبدا لدرجة لا تتصور، فلو دخلنا سجنا لربما كان الحال فيه أفضل من مكان يضم الأطفال الذين هم المستقبل لهذه البلاد”.

وقالت: “إن هذه الشرطة هي دار مؤقت للأحداث، فلابد أن تجد فيها على الأقل الألعاب أو أشياء تساعد على تقويم سلوكه ولابد أن يكون هناك دعم نفسي وتأهيل لكي يخرج للحياة مرة أخرى بشكل طبيعي فهو طفل ليس مفطورا على الجريمة، فمن المؤكد أنه كان هناك دافع للجريمة، أي أن هناك قدرة على تقويم سلوكياتهم والاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم ويجب معرفة كل النواحي التي عاش فيها الطفل وما دفعه للجريمة ومحاولة حل هذه المواضيع، كما يجب إيجاد باحثين نفسيين واجتماعيين داخل شرطة الأحداث”.

السعي لتأسيس طفولة سوية

وفي إطار السعي الذي يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي من أجل بناء وتأسيس طفولة سليمة وصحيحة وتأهيلهم ليصبحوا شباب المستقل الذين يبنون وطنهم، قالت الأستاذة اشتياق: “نحن سبق وقد قمنا بعمل ورش عمل والآن نعد لعمل ورش ودورات لبعض المعلمين والنساء الموجودات ودعمنا ورش ودورات لمنظمات المجتمع المدني للحد من هذه الأمور مثل العنف ضد الأطفال وكذلك الأطفال المتشردين، وهناك أشياء لابد أن ننجزها، وأنا أقول إذا كان هناك دولة صحيحة فهي ستكون أكثر سيطرة على الوضع الحاصل”.

وأكدت أن هناك خطة تبنتها دائرة المرأة والطفل لتأسيس طفل صحيح جدا، وقالت إن هذا “سوف يأتي مع مرور الوقت أي أن العلاج يحتاج لوقت لأن الدولة متدهورة منذ ثلاثين عاما، وكذلك نحن الآن وضعنا خطة للنزول لدار الأحداث ودار الأيتام وللمدارس ورياض الأطفال وتصحيح وضع التعليم ولنؤهل كادر متخصص في المدارس وفي رياض الأطفال وغيرها من الأشياء معتمدين عليها بأذن الله في الخطة لتصحيح وضع الطفل في الجنوب.

الطفل لا يعيش طفولته

وللاطلاع عن قرب على حال الطلاب والأطفال في المدارس خاصة مع بداية العام الجديد، قامت الصحيفة بزيارة لمدرسة العيدروس بالعاصمة عدن والالتقاء بمديرتها الأستاذة عزة عبدالملك مديرة مدرسة العيدروس في كريتر، حيث قالت إن الطفل لا يعيش طفولته بسبب التفكك الأسري والفقر والبيئة أيضا تلعب دورا كبيرا، وأيضا هناك بعض الأسر التي تعاني من حالات مادية صعبة جدا لدرجة أن بعض الأسر ترسل أطفالها إلى المدرسة من غير أحذية، والمطلوب مني أن أوفر لهم كل ما ينقصهم، فالطلاب المحتاجون يقولون إن زملاءهم سيسخرون منهم إذا لم توفر لهم احتياجاتهم، بالإضافة إلى أن مدرسة العيدروس مهملة ولا تجد أيا من الداعمين وأغلب الداعمين يريدون مدارس بارزة ومعروفة لأجل الصورة الإعلامية بمعنى أنهم يريدون مدارس تكون واجهة إعلامية لهم، وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لنا، وكذلك المنظمات دائما تبحث عن أماكن واجهة.

وعند سؤالنا عن التربية قالت المديرة: إنها فتحت الدوام بتاريخ ٨/٩ وإلى حد الآن لا يوجد لديهم كتب في المدرسة من سنة أول حتى تاسع والتربية لم توفر أي كتاب والأطفال يأتون المدرسة يلعبونا ويروحون وأنا طلبت من المدرسات أن يعطوهم دروس تقوية ودروسا بسيطة ويجددون عندهم النشاط لأني لا أريد الأطفال يبقون في البيت بدون تعليم لأنه إذا حضر ولم يتعلم سيعود إلى المنزل ولن يأتي في اليوم الثاني، وقد مر أسبوع وإذا أتى الأسبوع الثاني ولا توجد كتب الطلاب لن يداوموا، بالإضافة إلى أن الأسبوع القادم يجب أن أستقبل طلاب الصف الأول، والمدرسة لا تملك الكتاب المدرسي، أي أننا بالقعل نعاني من عدم الاهتمام بالمدارس والطلاب.

وقالت إنها تعاني أيضا من كثافة الطلاب وإقبالهم الكبير عليها وما زاد الطين بلة الآن هم النازحون من الشمال حيث شكلوا عبئا كبيرا علينا، كما أنهم يأتون لتسجيل أبنائهم دون وثائق بسبب ترك أوراقهم في مدنهم وقراهم وعدم القدرة على إحضارهم بسبب ظروف الحرب، وإذا وجدت الأوراق والشهادات لا تكون معمدة أو غير أصلية فقط صور، وهذا الشيء يجعلنا في حيرة هل نقبلهم أ م نرفضهم ونحرم الطفل من التعليم ونتحمل ذنبه.

وأضافت: يأتي طفل من مواليد ٢٠٠٩ ويقول ولي أمره أدخله في الصف الأول وهو المفترض يكون في الصف الرابع أو الخامس.

وتابعت قائلة: إن الطفل يعيش حالات عنف سواء من قبل الأهل او غيره وهذا يؤثر نفسيا على الطفل وينعكس سلبا على حياته بشكل عام وبالأخص المستوى التعليمي وهذا الشيء يوجد له مندوبة من التربية تقوم بأرسالها لأولياء الأمور وتقوم بتوعيتهم في هذا المجال وتعريفهم بحالة الطفل، وظاهرة التحرش تظهر بكثرة في مدارس الأولاد أما البنات فلا يوجد مثل هذه الظواهر.

واستطردت “وضع الطفل في مجتمعنا في حالة مزرية فهو يفتقر لطفولته، أي أن الطفل أصبح يتحمل أعباء هذه الدولة وبات يعاني من انعدام الخدمات الأساسية في الحياة”.

وعن تنمية المهارات قالت إن الطفل في مجتمعنا يفتقر لهذا الشيء بشكل كبير جدا، أي أنه لا يتم الاهتمام بالأطفال وبمهاراتهم ولا قدراتهم ولا مواهبهم أيضا بسبب انشغال السلطات بنفسها وعدم التفاتها لا للتعليم ولا للطفل ولا لغيره اما بالنسبة لنا نحن في المدرسة نحاول على قدر المستطاع لكننا لا نملك الإمكانيات التي تجعلنا نصل بالطفل إلى مستوى أفضل.

واختتمت عزة حديثها بالقول إنها تتمنى أن تكون هناك لفتة حقيقية لهذا الشيء فالطفل هو اللبنة الأولى للمستقبل فإذا أنشئ بالشكل الصحيح فالمستقبل سيكون أفضل اما إذا أنشئ عكس ذلك سيكون الوضع مخيف لهذا يجب الاهتمام بالطفل، وخاصة في مجال التعليم، وأكدت أن أهم مطالبهم حاليا على الأقل هو توفير وجبة الإفطار للطلبة المحتاجين وكذلك الملابس والمستلزمات المدرسية فهذا الشيء يساعد على تخفيف المعاناة.

معاناة الطفل في التعليم

أهم وأبسط ما يمكن أن تقدمه الدولة للطفل هو التعليم الصحيح والممنهج، إلا أن الوضع في بلادنا يختلف تماما، إذ تجد أكثر الناس معاناة هم أهل التعليم وخاصة الأطفال، فقد حاصرتهم الظروف من كل الجهات الحروب والفقر والأزمات وفساد الحكومات وغيرها، لتجد الطفل يجد صعوبة كبيرة في تلقي تعليمه بكل سهولة دون أي منغصات، وعن هذا تحدثت الأستاذة اشتياق سعد رئيس دائرة المراءة والطفل بالمجلس الانتقالي الجنوبي حيث قالت: نلاحظ رياض الأطفال والمدارس وكثافة عدد الطلاب داخل الفصول فنلاحظ طلاب سنة أولى ابتدائي عددهم داخل الفصل الواحد من ثمانين وتسعين طالب واحيانا تصل إلى مائة طالب، أي أن طفل عمره لا يتجاوز سبع سنوات في فصل مكتظ بالطلبة فما هو التعليم الذي سيتلقاه وماهي التربية التي سيتحصل عليها.

وأضافت: “كل الأطفال الموجودين تربيتهم وشخصياتهم متفاوتة، فهناك طفل لم يتعود على الازعاج وآخر مزعج وشقي وطفل بيئته تختلف عن بيئة الثاني، وتجد أطفالا تربيتهم مختلفة فهناك أطفال تربيتهم أخلاقيا غير جيدة وأطفال تربيتهم أخلاقيا جيدة جدا فهناك فروق فردية متواجدة داخل فصول الأطفال”.

وقالت: إنه عندما يكون هناك ازدحام بعدد الطلاب داخل الفصول يصعب على المعلم إيصال رسالته التعليمية وكذلك لا يمكنه تقويم سلوك الطلاب ولا تربيتهم ولا معرفة مميزاتهم ولا قدراتهم ولا نقاط ضعفهم ولا ما هي مشاكلهم لدرجة تمر سنة كاملة والمدرس لا يحفظ أسماء الطلبة داخل الفصل، أي أننا وصلنا لحالة مزرية جدا في هذه الأوضاع.. أوضاع الدولة غير المعترفة حتى بالطفولة، فقد همشت هذه الفئة من المجتمع وهي أهم فئة وهي الطفولة، فهي التي يبنا عليا الأساس ويبنا عليها المجتمع والتي من المفترض أن تؤسس اخلاقيا وتعليميا وثقافيا ومهاراتيا ونعزز قدراتها واهتماماتها ونجعل لديها امل في الحياة من أجل أن تقوم ببناء مجتمعها ودولتها وأسرتها وحياتها، فالدولة في عهد الوحدة قامت بتهميش الطفل نهائيا وابتعدت عنه.

واستطردت: “الطفل يحتاج لرعاية كبيرة جدا سواء مادية او تربوية او تعليمية او نفسية او غيرها، وقالت إنه كان قبل قيام الوحدة في عام ١٩٩٠م كان هناك جهة في المدرسة تسمى الصحة المدرسية وكانت تقوم بفحص شهري لكل طالب وكان يوجد أيضا الأشراف الاجتماعي وكان دور المشرف هو معرفة الظروف والبيئة التي يعيش فيها الطالب ومن ماذا يعاني وماهي مشاكله وعدد أفراد أسرته وهل يعيش بين أسرة سوية متماسكة او أسرة متفككة، أي أنه فعلا كان يوجد شيء أسمه تربية وتعليم، ونحنا فعلا الآن اذا احتوينا هذا الجانب فقط أكيد سنأسس طفل وجيل سوي نستطيع أن نعتمد عليه في بناء الوطن والمجتمع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى