عزاء وتحدي .. رسائل من عزاء العميد المرهبي في استشهاد نجله

كتب /ابو مرسال الدهمسي :

تحدث العميد أحمد حسن المرهبي وهو يقف على قبر نجله الشهيد بالقول : ” من اجل الجنوب سنضحي بأغلى ما نملك بأولادنا واموالنا ، من اجل الجنوب رخيص كل شيئ ، ولن نتراجع حتى القضاء على الإرهاب ” تحدث برباطة جأش وتماسك قائد صلب وصنديد ، كأن كل تلك الجموع الحاشدة التي تحيطه ، لم تأت لتواري جثمان فلذة كبده وساعده الايمن محمد الى مثواه الاخير ، الشاهد ان الجنوب وشعبه وشهدائه مسكون و حاضر فيه اكثر من حضور المقطع المصور الذي ظهر فيه نجله الشهيد وهو يحترق حتى نيل شرف الشهادة .

جرت العادة ان تلتقط كاميرات التصوير في المآتم التي تسببها الجرائم الإرهابية وتحديداً ، من مواكب جنازة شهيد وحين دفنه وفي لحظات عزاء اهله وذويه ، وصية والد شهيد اقعده الحزن ، او بكائية شقيق منهار ، إلا في الجنوب، فالرد مختلف والقول تحد وتقرير مصير ، في هذه الخاصية لا نحتاج لأن نتذكر ما قاله والد الشهيد القائد منير احمد ابو اليمامة اثناء مراسيم دفن ابنه وكذا الشهيد القائد يحيى الشوبجي في مواكب تشييع اولاده الشهداء الأربعة ، وكذا قسم القائد البطل حيدرة السيد يوم استشهاد شقيقه القائد البطل عبداللطيف السيد ، لان القائد العميد ركن احمد حسن المرهبي قد جدد تلك المواقف الخالدة ، واعادها الى الواجهة اليوم اثناء دفن جثمان إبنه الشهيد محمد في مقبرة ابو حربة بالعاصمة عدن ..هذه مواقف تؤطر دماء الشهداء في بعدها الوطني وفي سياق معركتنا المصيرية ضد الإرهاب تنظيمات واطراف داعمة ، وتؤكد إن كل قطرة دم سالت من شهيد ستعود لا محالة إلى ميدان الرد العملي ، سنراها على هيئة معركة وبمساحة وطن وبمقام شهيد وسارية نصر .

هُزم الإرهاب وتنظيماته وانهارت روافعه السياسية، منذ فشله في جعل جرائمه الإرهابية في الجنوب ، قصص خوف واستسلام تحكى ، او تحويل قضايا الشهداء إلى بكائية وموضوع إحباط ولوم بالتقصير، أو ذكرى معذبة لا يسع الناس معها سوى صمت خائف ومسترب ، هُزم اكثر وهو يرى الشهداء روافع مجد ومعنويات ومعنى قيمي، محط إقتداء وتنافس، وقضية وطن ودولة ، تتدافع جموع الشعب ، وفي طليعتهم ابطال القوات المسلحة أمن وجيش ، لحسم إنتصارها وإستعادة دولتها كاملة السيادة .

في قاعة عزاء العميد احمد حسن المرهبي بإستشهاد نجله محمد يوم امس بعملية ارهابية جبانة بالعاصمة عدن، حضر وطن الجنوب بكل اطيافه ، شُوهِدت الإرادة والعزم والصلابة والتلاحم وواحدية مشاعر الحزن ووحدة المصير والهدف الجنوبي الواحد ، تجلت عظمة شعبنا وهو يتجدد قوة وتلاحم في وقت يراد له ان يضعف ويتفكك اواصر وعرى تلاحمه .

كانت القاعة هي الأكبر في العاصمة عدن ، اكتضت وامتلأت بالمعزين منذ اللحظة الأولى ، كانت كل دفعة تؤدي واجب العزاء و تغادر لتترك فرصة للتي تليها ، دام هذا التناوب والانسياب لاكثر من خمس ساعات ، فيما العميد المرهبي والد الشهيد واقفاً كالطود ، يلهم معزيه بقيم الثبات وبالمهام والمسؤوليات التي حددها الشهداء .

مما رصدناه ، ان اول الدفعات المعزية ، كانت قد قدمت من محافظة ابين وشبوة ويافع والصبيحة، مدنيون وعسكريون واكاديميون وشخصيات ووجاهات إجتماعية .

ويمكننا القول تخليص لما سبق ؛ حضرت في قاعة العزاء معاني ومشاعر مشاطرة الحزن في المصاب ، ومعها القناعة والإيمان الراسخ بأن شعب الجنوب بمختلف شرائحه وطيفه الإجتماعي والسياسي والجغرافي، مدرك ان مصيره في وحدة صفه ، وقدره في ميدان المجابهة والمواجهة ، انه وفي كله الجمعي من سقطرى الى باب المندب، في معركة وجوده ودفاع وطني ، الكل يدافع عن الكل في جنوب لكل وبكل ابنائه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى