العنف في المدارس .. تبعات ثقيلة على كاهل الأسرة والمجتمع

 

  • صلاح: الطالب يأتي محملاً بالمشاكل من المنزل و لابد من التعامل معه بطريقة تربوية لا باستخدام العنف
  • مواطنون : تصرفات بعض المدرسين تسبب تبعات على الطلاب لا تحمد عقباها
  • لابد من إجراءات صارمة تتخذ ضد من يستخدم العنف بشكل عنيف على الطلاب

ؤام عماد: للتخلص من العنف ضد الطلاب يجب أن يكون هناك تأهيل للمدرسين في كيفية التعامل مع طلابهم

  • يجب أن يدرك المعلم أنه قدوة لأجيال متعاقبة وليس لفرد أو فردين

 

عدن24| عبدالسلام الجلال

انتشرت مؤخرا سلوكيات لا اخلاقية في المدارس  تثير الامتعاض والاشمئزاز فهي بالطبع لم تكن موجودة فيما مضى من الأوقات اذ تضرب بكل القيم والمثل والاعراف عرض الحائط، فكانت ظاهرة العنف في المدارس تستبد بكل تلك القيم الانسانية وضاعت معها المقاييس الاخلاقية المختلفة.

والعنف المدرسي قد وصل في الآونة الأخيرة إلى كل انواعه (العنف الجسدي والنفسي والاجتماعي وغيره) في المدارس التي كانت مثالا لحسن التربية والتعليم واخراج كوادر مجتمعية مؤهلة تخدم المجتمع والوطن، الا أنها اليوم اضحت تصدر العنف والخوف لطلابها في ظل غياب الدور الحكومي في الرقابة والمحاسبة.

وقد تجرد اليوم بعض المعلمين من انسانيتهم ومقومات السلوك القويم والمواصفات التربوي الحسنة، ومؤخرا برز ذلك جليا وأستاء منه اولياء امور الطلاب الذين باتوا ينظرون له بخوف كبير لما فيه من تبعات سلبية وخطيرة تنعكس على الطالب أثناء مواجهة هذا العنف أيا كان نوعيته، وهذه المرة يدخل العنف المدرسي منعطف آخر.

ويعد هذا النوع من انواع السلوك عدائيا فيحتم في بعض الاحيان انقياد الطالب وراء آفة خطيرة وهنا تكمن المشكلة حيث تكون المعالجات بالغة التعقيد.

 

مخاطر العنف المدرسي

هناك العديد من الأضرار التي قد تلحق بالطالب أثناء تعرضه للعنف داخل المدرسة أخطرها النفسي، إذ بات أغلب المعلمين يعاملون الطلاب بالعنف والقسوة وقد شكا الكثير من الطلاب وأولياء الأمور تعرض أبنائهم للعنف وغالبا ما يكون عنفا لفظيا يمس مشاعر الطالب وهذا النوع من التعنيف يخلف أضراراً نفسية كبيرة لدى الطالب وقد يكون ابسطها النفور من المدرسة وعدم رغبته بالذهاب إليها.

ولا يقتصر العنف هنا على العنف اللفظي وحسب، فقد سجلت مؤخرا الكثير من حالات العنف في المدارس من التعدي بالضرب او الحبس وغيره.

وفي هذا التقرير ننقل إليكم بعضاً من حالات العنف وآراء بعض اولياء الامور والمعلمين، والبداية مع أحد اولياء أمور الطلاب حيث قال: “انتشرت مؤخرا ظاهرة ضرب طلاب الابتدائي بعنف في بعض المدارس الابتدائية الحكومية”.

وأوضح أن طالباً تعرض للضرب وأثرت الضربة على يده، وكان تعرضه للضرب مع جميع طلاب الصف كاملاً كون أغلب الصف على حسب قول المدرس كثيري الكلام، مشيراً إلى أن الطالب الذي تعرض للضرب رفض الذهاب للمدرسة وكره المادة والمعلمة وذهب اهله إلى المدرسة، وقالت حينها المعلمة انها ستعتذر، لكنها لم تفعل.

وتابع ” الطالب رفض الذهاب إلى المدرسة وخوفا على مستقبله اضطر اهله لنقله لمدرسة حكومية اخرى”.

واختتم بالتساؤل: ما هو الحل امام هذه الظاهرة وهل هذا التصرف يعتبر تصرف تربوي؟

 

استياء أسري

لاقت هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخرا تذمرا كبيرا بين اوساط المواطنين والأسر حيث يقولون إن هذه التصرفات التي يقوم بها بعض المدرسين تسبب تبعات لا تحمد عقباها ألا يكفي أن مناهجنا مملة ومنفرة للتلاميذ ويأتي المعلم ويزيد الطين بلة بتصرفاته وسلوكه غير تربوي مع تلاميذه وعدم احتوائه للتلاميذ ففي الاول والاخير هم ابناؤنا وبحاجة ماسة للسلوك التربوي الموجه والسليم قبل تقديم المادة.

وتقول إحدى وليات الأمور: أنا لن أقول إنني رأيت حالات ضرب في المدارس الخاصة بتجربتي مع أطفالي لكن لاحظت وسمعت الكثير من التعنيف اللفظي من قبل المدرسات او مديرة المدرسة وهذا النوع من التعنيف يؤثر سلبا على نفسيات الطلبة، اضافة إلى التهديد والوعيد على سبيل المثال “بعطيكم كف او برسبك بالمادة وغيره”.

وتصف ولية أمر أخرى حادثة تعرض طفلها للضرب من قبل أحد المدرسين بالقول: ابني كان يدرس في احدى المدارس وقام مدرس بضربه في رجله، حينها انزعجت كثيرا من هذه الظاهرة الدخيلة علينا فذهبت إلى المدرسة والتقيت بالمدرس وسالته لماذا ضربت أبني رد عليا “هو مؤدب وشاطر بس كذا ضربته” حينها وقع شجار بيننا والأمر من هذا أن وكيل المدرسة غير مهتم.

واضافت” أن التربية أرسلت شخصا من عندهم يبحث في الأمر و عاقب المدرس”.

 

البحث عن الأسباب

هناك الكثير من المدرسين يتحججون بأن الطلاب الذين يتعرضون للعنف أيا كان نوعه هم من فئة المشاغبين الذين تتعالى اصواتهم وتختلف حركاتهم على باقي الطلاب، وهذا ما تعارض مع كلام الاستاذ طارق عبدالقادر الذي بدوره قال: “قبل محاسبة الطالب لابد من أن ينظر إلى نفسيته وإذا كان يعاني من مشاكل نفسية او أسرية لمعرفة ما السبب وراء كل ما يعمله، كون المشاكل الأسرية والحالة الاجتماعية وغيرها تؤثر على الطالب تأثيرا سلبياً”.

وأضاف “أن بعض المدرسين لا يعرفون كيف يتعاملون مع الطالب، لذلك لابد من عرضه على اخصائي اجتماعي لكي يقيم المشكلة ويعرف تبعاتها”.

وتابع “لابد من متابعة الطالب في البيت والمدرسة والشارع وما مشكلته ومع من يقضي وقته وكيف هي نفسيته، وكل هذه الامور لابد أن تنقل لولي أمر الطالب وأن يعرف ولي أمره بمشاكله وما يعانيه الطالب وكيف يمكن الخروج به إلى بر الامان ومساعدته على تجاوز مشاكله، فكل الامور الاسرية والمشاكل التي يعاني منها تؤثر عليه سلبا وتنعكس على تصرفاته في المدرسة.

ولفت إلى أن المدرس لابد أن يتحلى بالصبر على الطالب ويتحمل كل تصرفاته وأن يتعامل معه بطريقة علمية أي تكون تربوية دون المساس به وبمشاعره، ولابد أن يعلم متى يقسو ومتى يحن عليه ومتى يستمع ومتى يأخذ منه ومتى يعطيه ولابد أن يكون هناك حب وانسجام بين المعلم والطالب وأن يرى الطالب مدرسه كأب او صديق، يعني باختصار لابد أن يعرف المعلم كيفية التعامل مع الطالب وخاصة الطالب الشقي.

 

العنف لا يحد من الشغب

لم يذكر في أي وقت من الاوقات أن العنف يحل مشكلة من المشاكل خاصة في مجال التربية، فغالبا ما يخلف العنف الكثير من المشاكل والأمور السلبية التي يتحمل عواقبها الجميع، وقال الاستاذ صلاح رشيد متحدثا إلينا: “الطالب يأتي محملاً بالمشاكل من بيته وهنا المدرس لابد أن يتعامل معه بطريقة تربوية ولا يستخدم العنف معه، فنحن مثلا نستخدم اسلوب المتابعة والمراقبة للطالب على سبيل المثال نتابع دفاتره ونرى مستواه التعليمي ونجعله تحت أشرافنا طول فترة تواجده في المدرسة.

وأضاف، مشاكل الطالب يتحملها طرفان الاول الاسرة والطرف الاخر هو المجتمع أي ان المشاكل الاسرية لابد أن تكون بعيدة تمام البعد عن الطالب والا فإن ذلك يؤثر عليه تأثيرا سلبيا، اما المجتمع فنحن نلاحظ الحال الذي وصلنا اليه وكل هذا يؤثر على المجتمع عامة والطالب خاصة، ووضع المجتمع ينعكس على تصرفات الطالب سواء في المنزل او المدرسة.

وأكد صلاح رشيد العنف ضد الطالب في المدرسة لا يحل مشكلة الطالب بل يفاقمها بحيث يتنمر الطالب ويزيد من حجم الشغب الذي يمارسه او أنه يكره المدرسة وكل ما فيها وقد يصاب بعقد نفسية تصاحبه إلى الكبر.

وقال منبها، كما أن هناك الكثير من الجهات التي تعمل على استغلال هذا الوضع وتقوم باستقطاب الطلاب الفارين من المدارس واستثمار طاقاتهم بأعمال تخدم مصالحهم وغالبا ما تكون هذه الاعمال عدوانية وضارة بالمجتمع كله مثلا كالجماعات الارهابية وغيرها.

وشدد قائلا: “لابد من اتخاذ اساليب تعالج هذه المشكلة وقد تكون على شقين الشق الاول الاسلوب التربوي الصحيح والسليم في التعامل مع الطالب والشق الثاني الاسرة وانا عتبي على الاسرة كبير لان الساعات التي يقضيها الطالب في المدرسة اقل بكثير من الوقت الذي يقضيه مع اسرته او البيئة المحيطة به لذلك كلما احسنت الاسرة التعامل مع طفلها كان وضعه في المدرسة أفضل وقلت المشاكل التي يمكن أن يواجهها.

ووجه رشيد رسالة للمعلمين الذين يستخدمون العنف ضد الطالب وقال: “العنف يولد العنف والخير يعم الكل والشر يعم الكل، لذلك عليهم البحث عن اساليب صحيحة للتعامل مع الطلبة بحيث لا تكون قاسية تخلف مشاكل ولا تكون لينة لينا مفرطا”.

 

التخلص من العنف

يقول الكثير من المواطنين إنه لابد أن تكون هناك إجراءات صارمة تتخذ ضد من يستخدم العنف ضد الطلاب أيا كان نوعه، ولابد أن تقوم مكاتب التربية في المحافظات بتأهيل المعلمين والمدرسين في كل المدارس لتعريفهم بكيفية التعامل مع الطلاب وخاصة صغار السن منهم، فالطالب بحاجة ماسة لمن يفهمه ويوجهه ويحتويه أكثر من حاجته للتعليم خاصة في هذا الوضع المزري الذي يعيشه وطننا الجنوب في ظل غياب الحكومة اليمنية المنشغلة بتزويد أرصدتها في البنوك الخارجية.

وتقول الحجة ام عماد: للتخلص من العنف ضد الطلبة اولا يجب أن يكون هناك تأهيل للمدرسين في كيفية التعامل مع الطلبة وهذا التأهيل يجب أن يكون سنوياً بحيث يتناغم مع الاساليب الحديثة والعلمية وتبعا للتقدم الحاصل في العالم، وثانيا ربط الاسرة بالمدرسة، والان اصبحت وسائل التواصل متطورة وسهلة وسريعة ولهذا لابد أن تكون المدرسة في حالة تواصل دائم مع الاسرة.

واضافت: لابد أن يكون المعلم قدوة للطالب فمثلا نحن في البيت نلزم اولادنا بالزي المدرسي السليم اضافة إلى النظافة الشخصية مثل الحلاقة وقص الاظافر وغيرها وهنا لابد أن يلتزم المدرس بزي خاص وسليم على الاقل في المدرسة بحيث يكون قدوة للطالب وتكون له هيبته واحترامه.

وتابعت: نحن أسر نواجه ظروفاً صعبة في تربية أبنائنا حيث صرنا في وضع مخيف فقد حدث خلل كبير للجنوب خلال الثلاثين السنة الماضية، وهذا الخلل كبير للغاية وخاصة في التعليم ولهذا يجب أن يعرف المعلم أنه قدوة لأجيال متعاقبة وليس لفرد أو فردين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى