الإمارات أوفت بما وعدت به

كتب/ هاني مسهور

مع انعقاد مؤتمر الأطراف (كوب 28) ومع إعلان الاتفاق التاريخي بشأن إنشاء صندوق لمواجهة الكوارث المناخية التي تؤثر على الدول الأكثر عرضةً للخطر، تعبر بالعالم إلى مرحلة مختلفة في المحافظة على سلامة كوكب الأرض، فعلى الأقل منذ العام 2015 ومن بعد مؤتمر الأطراف في باريس 2015 لم تستطع دول العالم إنجاز هذا الصندوق رغم أنه واحد من أهم مرتكزات القمم المناخية.
الاسقطابات السياسية عطلت تحقيق هذا المستهدف رغم أهميته القصوى لتخفيف الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية التي تتكبدها الدول الفقيرة والغنية على حد سواء. لذا فإن نجاح معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مؤتمر الأطراف COP28، في إقرار الصندوق بعد يوم واحد فقط من انطلاق أعمال المؤتمر سيبقى حدثاً تاريخياً، وهذا هو ما وعدت به الإمارات منذ أن أوكِلت إليها رئاسةُ المؤتمر بأن تحوّل المقررات إلى قرارات مُلزمة.وأعلنت دولة الإمارات عن المساهمة بقيمة 100 مليون دولار في الصندوق، المعروف بصندوق «الخسائر والأضرار»، بغية تعويض الدول التي تعاني من آثار تغير المناخ التي لا يمكن التكيف معها أو الوقاية منها، والتي تهدد حياة وسبل عيش وحقوق شعوبها.
ويعتبر الصندوق انتصاراً للدول الفقيرة التي طالما طالبت بالعدالة المناخية والمسؤولية التاريخية من الدول الغنية التي تسببت في معظم انبعاثات الغازات الدفيئة. وتم اقتراح إنشاء الصندوق لأول مرة في التسعينيات، لكنه واجه على مدى عقودٍ معارضةً قويةً من الدول الغنية التي كانت تخشى الاضطرار إلى دفع «تعويضات» عن انبعاثاتها الكربونية، كما تأخر إنشاؤه بسبب عدم وجود مبادئ توجيهية وترتيبات واضحة لتشغيله وتمويله.
لكن دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها الدولة المضيفة والرئيسة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، تمكّنت من كسر الجمود وإقناع الأطراف باعتماد الصندوق في الجلسة الأولى للمؤتمر، وبعدها صرح وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، على حسابه في منصة إكس: «نهنئ جميع الأطراف على إطلاق هذا الصندوق المهم لتوفير استجابة فعالة لعواقب تغير المناخ». وأعقبت مساهمة الإمارات تعهداتٌ أخرى من دول مثل ألمانيا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، ليصل إجمالي مبلغ الصندوق إلى أكثر من 400 مليون دولار.
ومع ذلك، فإن هذا المبلغ ما يزال أقل بكثير من عشرات مليارات الدولارات اللازمة لتمويل الأضرار المناخية في البلدان النامية والفقيرة. ويمكن أن يكون للصندوق تأثير كبير على الدول الأكثر عرضةً للخطر، حيث سيوفر لها المواردَ اللازمةَ للتكيف مع آثار تغير المناخ والتعامل معها.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن يساعد الصندوقُ الدولَ على بناء بنية تحتية أكثر مرونةً، وعلى تطوير أنظمة إنذار مبكر، وتقديم الدعم الغذائي والمائي والرعاية الصحية للأشخاص المتضررين من الكوارث المناخية. وبالإضافة إلى مساهمتها في صندوق الخسائر والأضرار، تتخذ دولة الإمارات العربية المتحدة خطواتٍ أخرى للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، فقد حددت هدفاً يتمثل في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 23.5% بحلول عام 2030 وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
كما استثمرت الإمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتخطط لتوليد 50% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2050. ويعد إنشاء صندوق الخسائر والأضرار خطوةً مهمةً نحو تعزيز العدالة المناخية ومساعدة الدول الأكثر عرضةً للخطر في مواجهة آثار تغير المناخ.
وقد لعبت دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً رئيسياً في جعل هذا الإنجاز ممكناً، وهي ملتزمة بمواصلة العمل من أجل مستقبل أكثر استدامة للجميع. إنها خطوات تضاف لسجل قيادة وعدت بأن تحافظ على الكوكب، إذ لا مكان آخر للبشر يمكن أن يعيشوا فيه، وعليه فقد أنجزت الإماراتُ ما عليها وأوفت بما وعدت به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى