رسائل إلى الصبيحة

كتب / أحمد راشد الصبيحي :

استطاع الإسلام أن يوحد الأمم والشعوب المختلفة في شتى أصقاع الأرض تحت راية التوحيد بعد أن أذاب  كل العصبيات والفروقات، وحارب كل عصبية وجاهلية بصورها القديمة والجديدة، قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) وعندما تنازع المهاجرون والأنصار، ونادى كل رجل أصحابه، مهاجرين وأنصارا، وبلغ ذلك نبي الإنسانية  صلى الله عليه وآله وسلم غضب وقال: “دعوها فإنها منتنة”.

إن العصبية القبلية التي عادت إلى جنوبنا بعد أن تم دفنها بعد استقلال الجنوب في 67 إلى عام 90 ثم ما لبثت أن عادت مع وحدة الفيد وخاصة بعد حرب صيف ١٩٩٤م، حيث فرض المنتصر ثقافته وإرثه العفن في جسد لحمتنا الوطنية والأسرية والاجتماعية بعد أن  نبش الفتنة وهي نائمة، وأشعل وغذى شرارة الثأر بكل تفنن من قبل عصابة الجهل والتخلف وحملة الدين السياسي والتيارات القبلية، لكي يعود الجنوب إلى ما قبل 67 قبائل متنازعة والقوي يأكل الضعيف.

ولا ننكر ذلك، فإنهم استطاعوا الوصول إلى مبتغاهم لتأجيج الثارات بين القبائل في بعض المحافظات الجنوبية مثل شبوة وما يدور فيها من اقتتال  بين بعض القبائل وكذا في محافظة لحج/الصبيحة كل يوم نرى بوادر الشر تكبر باسم القبيلة المقيتة التي لا تجلب إلا مزيدًا من الدماء والقتل، ونحن نعتبر هذي الأحداث المتسارعة في مديريات الصبيحة إلا نذير شؤم على المجتمع الصبيحي وتفكيك نسيجه الاجتماعية، إن لم يتكاتف الجميع في كل قبيلة وقرية ومدينة ومديرية، فإن الشر سيعم غدًا وستحل البلوى على أهلنا في الصبيحة ولن ينفع العويل ولا شق الجيوب إذا الدماء قد سالت وحلت الكارثة.

 لماذا كل هذا التهاون يا معشر القبائل ويا معشر الآباء ويا معشر الخطباء؟ إن شباب الصبيحة هم وقود الثارات العبثية التي يقوم به فرد لا يعي ما يفعل وربما يكون ليس له أي  وازع ديني ولا يعرف من الدين شيئَا وإلا ما تجرأ لهذا الفعل الأرعن الذي يفرح به شياطين الإنس من أمثال القاتل، نعم، إنهم شياطين الإنس فقد اجتمعوا على شر لا يفعله من كان قلبه مثقال ذره من الإيمان.

ولذلك حرم الله القتل ووضع العقوبة بنفسه ولم يترك للناس تقديرها؛ نظراً لأهميتها. وساوى بين الناس جميعاً، فليس هناك فرق بين الناس ومراتبهم وأقدارهم، فهي متساوية، فلا فرق بين وضيع أو شريف ولا غني أو فقير لقوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِيْ الْقَتْلَىْ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ» وجميع الشرائع السماوية نَصَّتْ على عقوبة القتل ، فليس هناك مجال لكي نتخلص من هذا الجزاء كونه سَيُجَسِّمُ تداعيات الفتن لقوله تعالى: «وَلَكُمْ فِيْ الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِيْ الأَلْبَابِ».

والأمرُ الآخَرُ: إن مما يشير إلى خطورة هذه الظاهرة، أن الدماء هي أول أمر يقضي الله سبحانه وتعالى فيه بين الناس يوم القيامة، وهذا يدل على أن لهذه الدماء حرمة، والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «أَوَّلُ مَا يُقْضَىْ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيْ الدِّمَاءِ».

لو تأمل كل صبيحي يريد أن يرتكب جريمة القتل في هذي النصوص والله ما حرك بندقيته ولا عبث بعقله  الشيطان، وأخيرا فإننا نثق كل الثقة بأن هناك رجال فيهم الصلاح والخير يحاولون لجم الفتن التي تحل بأهلنا في الصبيحة في جميع مديراتها، لا بد أن نكون عونا لهم لكبح ظاهرة الثأر وإن حصلت فإن القانون هو الحكم مهما طال الزمن فإن العقوبة من جزاء العمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى