الصواريخ البالستية والمسيرات.. سلاح غير كافٍ لحسم المعارك على الأرض وتحقيق “توازن الرّدع”

عدن24-متابعات


أظهرت حصيلة قرابة أسبوعين من تصعيد جماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن لاستهدافها الأراضي السعودية بالطائرات المسيّرة المفخّخة والصواريخ الباليستية إلى جانب تصعيد الجماعة لحربها في محافظة مأرب شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، أنّ استخدام هذا النوع من السلاح إيراني الصّنع والبسيط تقنيّا، غير كافٍ لحسم المعارك على الأرض، كما أنّه غير فعّال في تحقيق ما روّجت له الجماعة من “توازن في الرّدع”.

ويستتبع ذلك فشلٌ سياسي للحوثيين الذين كانوا يأملون في استخدام مسيّراتهم وصواريخهم الباليستية وسيلة ضغط على السعودية بهدف دفعها إلى إنهاء الغطاء الجوي الفعّال الذي يوفّره طيران التحالف العربي للقوات اليمنية في حرب مأرب، وأيضا لفرض أنفسهم طرفا قويا في أي مسار سياسي لحل الأزمة اليمنية قد يتمّ إطلاقه لاحقا بجهود أممية ودولية.

وعمليا لم يتمكّن الحوثيون بعد خوضهم معارك شرسة خلّفت خسائر مادية وبشرية جسيمة لكلا المعسكرين المتحاربين من السيطرة على محافظة مأرب النفطية ذات الموقع الاستراتيجي، كما لم يستطيعوا إحباط عزم السعودية على مواجهتهم، خصوصا وأن المملكة بدت أكثر قدرة على التصدّي لصواريخهم الباليستية ومسيّراتهم المفخّخة.

وقالت وكالة رويترز في تقرير لها إنّ السعودية أبلت بلاء حسنا الأحد عندما خرجت من هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة (لم يتمّ بعد التحقّق من مصدرها) على قلب صناعتها النفطية دون خسائر جسيمة كالتي تكبّدتها قبل نحو 18 شهرا عندما أجبرت ضربات على إغلاقها مؤقتا.

ويقول خبراء عسكريون إن ذلك يرجع في جانب منه إلى الاستعداد الأفضل. لكن المملكة لا تزال أكثر عرضة لهجمات الطائرات المسيرة وصواريخ كروز منخفضة الارتفاع من تلك التي يمكن أن تتمّ بالصواريخ الباليستية عالية الارتفاع والتي تمكنت الدفاعات السعودية من إسقاطها هذا الأسبوع.

وأصابت ضربة في سبتمبر 2019 منشأتي نفط رئيسيتين بصاروخ كروز وطائرات مسيرة. وقالت الرياض هذه المرة إنها أحبطت الهجوم دون أن يوقع خسائر في الممتلكات.

وأعلنت جماعة الحوثي المرتبطة بإيران المسؤولية عن ضربة الأحد على ساحة لتحزين النفط في رأس تنورة التي تضم مصفاة وأكبر منشأة بحرية لتحميل النفط في العالم وعلى مجمع سكني في الظهران تستخدمه شركة أرامكو السعودية العملاقة المملوكة للدولة. ويوجد الموقعان في المنطقة الشرقية على بعد بضعة كيلومترات من منشأتي أرامكو اللتين استُهدفتا في 2019.

وقال جيريمي بيني، محرر الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلة جاينز ديفنس، “يعمل السعوديون بجد فيما يبدو لسد الثغرات من خلال أمور منها نشر صواريخ باتريوت في رأس تنورة، ويؤتي ذلك أُكله الآن على ما يبدو”.

وأضاف بيني أن التعزيزات العسكرية الأميركية في قاعدة الأمير سلطان الجوية ساعدت السعودية، كما وفّرت فرنسا وبريطانيا رادارات للمساعدة في رصد التهديدات التي تحلق على ارتفاع منخفض مثل الطائرات المسيرة.

لكن الخبراء يقولون إن السعودية، التي تعوّل على منظومة باتريوت المصممة بالأساس لاعتراض هجمات الصواريخ الباليستية، لا تزال عرضة للهجمات لأسباب من بينها اتّساع خارطتها الجغرافية التي يصعب تغطيتها بشكل كامل بالدفاعات الجوية.

وربما لا يرصد الرادار الأرضي صواريخ كروز والطائرات المسيرة التي تحلق على ارتفاعات منخفضة وهي أهداف أصغر كثيرا. واعتراض الطائرات المسيرة بصواريخ باتريوت مكلف للغاية، إذ يكلف كل صاروخ نحو ثلاثة ملايين دولار.
وقال دوغلاس باري الباحث في مجال الطيران العسكري بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية “السعوديون ليسوا مجهّزين تجهيزا سيئا”، مضيفا “هناك مجموعة من الوسائل يمكن استخدامها لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية. وقد استخدموها بنجاح وهم يتحسنون في ذلك، لكن لن تكون ناجحا مئة في المئة على الإطلاق”.

وقال الحوثيون الأحد إنهم أطلقوا صاروخ “ذو الفقار” الذي يبلغ مداه نحو 700 كيلومتر وعشر طائرات مسيّرة مسلحة على مدينتي رأس تنورة والدمام شرقي السعودية. وذكر متحدثهم العسكري أنهم أطلقوا سبعة صواريخ بدر وأربع طائرات مسيرة على مدينتي عسير وجازان الجنوبيتين.

وقالت حليمة كروفت رئيسة استراتيجية السلع الأساسية العالمية في آر.بي.سي كابيتال ماركت في مذكرة بحثية، إن الهجمات الحوثية على السعودية لم تفض إلى أي انقطاع في إنتاج النفط لكنها أكدت على “مدى خطورة البيئة الأمنية في المنطقة بعد 18 شهرا تقريبا من ضربات 14 سبتمبر 2019”.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية العميد الركن تركي المالكي إن المملكة قادرة على حماية منشآتها الاقتصادية. وأضاف “للسعودية قوة ردع كبيرة ضد أي تهديد مهما كان مصدره”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى