طائرات رافال تهاجم الأتراك في ليبيا: مصرية أم فرنسية؟

عدن24-العرب اللندنية

قالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن الطائرات المهاجمة التي استهدفت قاعدة الوطية في غرب ليبيا هي من طراز رافال، مما يحصر القوة المهاجمة بين فرنسا ومصر الدولتين اللتين تمتلكان هذا النوع من الطائرات ضمن المدى الذي تقع فيه قاعدة الوطية، معتبرةً التحرك بمثابة رد سريع على زيارة وزير الدفاع  التركي خلوصي أكار إلى طرابلس التي عكست حجم التمادي التركي غرب ليبيا.

ويقلق الوجود التركي في ليبيا مصر وفرنسا اللتين رفَّعَتا مؤخرا في حدة انتقاداتهما لأنقرة؛ حيث لوحت القاهرة بالتدخل في حال حاولت ميليشيات حكومة طرابلس المدعومة من تركيا التقدم نحو سرت، في حين وصفت باريس التحركات التركية بـ”غير المقبولة” مشددة على أنها لن تسمح باستمرار ذلك.

وكشفت عملية قصف قاعدة الوطية أن الخطوط الحمر الجوية تختلف عن الخطوط الحمر الأرضية التي رسمها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لأن تمركز طائرات مقاتلة ومسيرة في الوطية يزيد من التهديد الجوي لأية وحدات منتشرة في سرت وقاعدة الجفرة والشرق الليبي.

وكان السيسي قد لوح بإمكانية تدخل بلاده عسكريا في ليبيا، لافتا إلى أن مصر “لن تسمح بتجاوز الصراع في ليبيا خط سرت”. وأشار إلى أن “سرت والجفرة بالنسبة إلى أمن مصر خط أحمر لن نسمح بالمساس به”.

ونشرت مواقع إخبارية مصرية صورا غير مؤرخة لبطاريات صواريخ هوك ورادارات ذكرت أنها كانت من الأهداف التي تمت مهاجمتها في الوطية.

ومنذ سيطرة الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق في طرابلس على قاعدة الوطية بعد انسحاب قوات الجيش الليبي منها إثر سلسلة ضربات جوية تركية استهدفتها، تتواتر الأنباء بشأن وجود مخطط لتحويلها إلى قاعدة تركية، وهو الأمر الذي تعارضه فرنسا بشدة، والتي أشارت أنباء إلى اقتراحها بتحويل الوطية إلى قاعدة لحلف شمال الأطلسي “ناتو”.

واتهمت حكومة طرابلس الأحد “طيرانا أجنبيا” بقصف القاعدة من دون أن تقدم تفاصيل عن الطائرات التي شنت الهجوم وماهية الأهداف.

ورغم نفي الإعلام التركي والقطري سقوط ضحايا في القصف، إلا أن المصدر أكد أن الغارات أدت إلى مقتل عدد من العسكريين الأتراك الذين جرى نقلهم إلى مستشفى بلدة الجميل القريبة من القاعدة.

وكشف ضابط مُتقاعد من الجيش الليبي يُقيم في منطقة الزنتان، لـ “العرب”، أن سربا من الطائرات المقاتلة شن سلسلة من الغارات الجوية على قاعدة الوطية التي نشرت فيها تركيا مقاتلات من نوع “أف 16″، وأخرى دون طيار من نوع “بيرقدار تي بي 2” و”أنكا أس”، مدعومة بمنظومة دفاع جوي من نوع “هوك أم أي أم 23” مع ملحقاتها من رادارات.

وقال الضابط المتقاعد طالبا عدم ذكر اسمه، إن تسع غارات جوية استهدفت استراحة “النداب” بقاعدة الوطية التي تتخذها القوات العسكرية التركية مقرا لها منذ سقوطها بيد ميليشيات حكومة فايز السراج في مايو الماضي، إلى جانب استهداف منظومات الدفاع الجوي “صونغور”، والرادارات الثابتة والمُتحركة، ومنظومة “كورال” للتشويش الإلكتروني، التي كانت وحدات الجيش التركي قد ركزتها في قاعدة الوطية.

وقبل ذلك، تداول عدد من الناشطين في مدن الساحل الغربي الليبي تسجيلات مُصورة، لتحركات رتل عسكري تابع للقوات التركية مُحمل بمعدات خاصة بالدفاع الجوي المتعددة، وهو يتجه نحو قاعدة الوطية الواقعة على بعد نحو 140 كلم جنوب غرب العاصمة طرابلس. ووصف الضابط الليبي الغارات على قاعدة الوطية بأنها “عملية جوية نوعية”.

ومع ذلك، لم يصدر أي تبنّ رسمي ليبي لهذه الغارات التي رأى مراقبون أنها ليست عملية عسكرية عادية، وإنما تُشير بسياق رسائلها إلى أنها ستكون مقدمة لتغييرات في المنحى السياسي، تتجاوز ما هو سائد حاليا إلى فتح بوابات جديدة لمحاصرة التمدد التركي في ليبيا الذي أصبحت مساحته تتقلص نتيجة الضغوط الإقليمية والدولية.

واعتبر النائب في البرلمان الليبي، إبراهيم الدرسي، أن “الغارات الجوية شنها طيران معلوم لدينا، وهي رسالة واضحة بأهدافها التي شكلت صفعة قوية وموجعة لوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأدواته في ليبيا، وخاصة  حكومة الميليشيات برئاسة فايز السراج”.

 

وقال الدرسي في اتصال هاتفي مع “العرب” من شرق ليبيا إن رسائل هذه الغارات “تؤكد أن الساحة في ليبيا ليست فارغة، بل توجد فيها قوى لها القدرة على الضرب بقوة في أي مكان وساعة ما تشاء، وهي بتوقيتها إنذار مباشر لأردوغان، وتذكير له بالخطوط الحمراء التي لا يجب أن يتجاوزها، بعد تزايد التحركات التركية في ليبيا، وسط أنباء عن استعدادات لشن هجوم على مدينة سرت وقاعدة الجفرة”.

وكثفت تركيا استفزازاتها في ليبيا، حيث جاء استهداف قاعدة الوطية بعد زيارة وزير الدفاع خلوصي أكار ورئيس هيئة الأركان التركية يشار غولار لطرابلس ومصراتة، والتي استمرت يومين، تفقدا خلالها الجنود الأتراك وغرف العمليات العسكرية التركية في المدينتين.

واعتبر أكار في كلمة له خلال زيارته لجنود بلاده في طرابلس، أن “حلم الانقلابي حفتر بالسيطرة على ليبيا كلها كان سيتحقق بالفعل، لكن تغيير الموازين بمساهماتكم أوقف هذا، وليست الصحافة هي من تقول ذلك فقط، لكن دوائر صنع القرار والدوائر العسكرية حول العالم والمجتمع الدولي يقول، أتى الأتراك إلى هنا فتغير مصير هذا المكان وتغير وضع حفتر”.

ومباشرة بعد ذلك، سعى خليفة حفتر إلى الرد على وزير الدفاع التركي، بتوجيه رسائل مفادها أنه ما زال موجودا وبقوة، وذلك من خلال قيامه بجولات تفقدية شملت عددا من معسكرات الوحدات القتالية للجيش الليبي في مدينة بنغازي، منها معسكر قاريونس الذي كان بداخله أكثر من ألف ضابط وضابط صف وجندي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى