حماس بين دعم إيران وطموحات تركيا

كتب/ محمد علي رشيد النعماني

الهجوم الكبير الذي نفذته حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 فتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول الأهداف الخفية والجهات الإقليمية التي ربما كانت وراء هذا التصعيد غير المسبوق فبينما تُعرف حماس بعلاقتها الوثيقة مع إيران التي لطالما دعمتها مالياً وعسكرياً كجزء من إستراتيجيتها لمواجهة إسرائيل عبر حلفائها تشير بعض التحولات الأخيرة في المنطقة إلى دور تركي محتمل قد يكون وراء هذا الهجوم ما يضع المنطقة أمام معادلة جديدة تتجاوز الأطر التقليدية للصراع .
تركيا التي أثبتت نفسها كفاعل إقليمي بارز يدعم الحركات الإسلامية وقوى المعارضة قد تكون استغلت هذا التصعيد لتحقيق مكاسب أوسع خاصة في ظل المتغيرات الكبرى التي شهدتها سوريا فسقوط نظام الأسد على يد هيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا بعد سنوات طويلة من الصراع غيّر بشكل جذري خريطة النفوذ في المنطقة حيث أدى إلى إضعاف مباشر للمحور الإيراني الذي لطالما اعتمد على النظام السوري كركيزة أساسية وممر حيوي لنقل الدعم إلى حزب الله في لبنان .
ومع استمرار الضربات الإسرائيلية التي تستهدف المواقع الإيرانية وحزب الله داخل الأراضي السورية تجد تركيا نفسها في موقع إستراتيجي يمكنها من ملء الفراغ الذي خلفه التراجع الإيراني .
رجب طيب أردوغان، الذي يقود تركيا بسياسة تهدف إلى تعزيز نفوذها عبر دعم حركات الإسلام السياسي مثل الإخوان المسلمين وفصائل مسلحة كهيئة تحرير الشام يبدو أنه يسعى إلى إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية بما يخدم مصالح بلاده. ومع أن هجوم حماس على إسرائيل يظهر للوهلة الأولى كجزء من الإستراتيجية الإيرانية لمواجهة إسرائيل إلا أن النتائج تشير إلى أنه يصب في صالح تركيا سواء عبر إضعاف النفوذ الإيراني في غزة وسوريا ولبنان أو من خلال تعزيز موقعها كطرف أساسي في إدارة الصراعات الإقليمية.
سقوط نظام الأسد لم يكن مجرد إنتصار عسكري لقوى المعارضة بل مثل فرصة ذهبية لتركيا لإعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة فإيران التي أُضعفت بفعل خسارة شريكها الأساسي في سوريا وبسبب الضربات الإسرائيلية المتكررة تواجه اليوم تحديات غير مسبوقة تتيح لتركيا التقدم على حسابها وبينما تسعى تركيا لتعزيز دعمها لحماس كجزء من طموحاتها الإقليمية تبدو إيران في موقف الدفاع للحفاظ على ما تبقى من نفوذها .
ومع ذلك يبقى المشهد الإقليمي معقداً للغاية حيث تلعب القوى الدولية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا بالإضافة لإسرائيل دوراً محورياً في صياغة ملامح المرحلة المقبلة.
هذه القوى ترسم خطوط اللعبة بطرق تحد من حرية التحرك للأطراف الإقليمية مما يجعل تركيا وإيران أمام معركة طويلة الأمد للحصول على النفوذ في ظل قيود دولية متزايدة.
لكن يبقى السؤال الأكبر مطروحاً : هل كان هجوم السابع من أكتوبر قراراً إيرانياً ؟ أم أنه جاء بتوجيه تركي لاستغلال الصراع لصالحها ؟ أم أن حركة حماس اتخذت قرارها بشكل مستقل بعيداً عن رغبات الحلفاء ؟ الجواب على هذا السؤال قد يكشف الكثير عن التحولات الجيوسياسية في المنطقة خلال السنوات القادمة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى