الذكرى الـ”13″ لاستشهـــاد القائـــد البطل محسن علي مثنى طوئرة

كتب / عبدالفتاح عثمان الدباني:

رحلت أيها القائد الفولاذي، رحلت أيها الفارس الجسور في أحلك الظروف، رحلت في :

10 /6/ 2011 م يوم استشهادك، رحلت عنا وعن وطنك الذي ساهمت في صنع شمسه، لأن الله قد من على روحك الطاهرة أن تمتزج بمعاني الثورة الجنوبية الأبية، رحلت عنا وأنت تخطو بخطى الأب والأخ المسكون بأحلام البسطاء، والقائد الرمز المسكون بقلوب الثائرين.

ليس بمقدور من عايشك أن يبرز للناس معاني الإباء والإستعداد للتضحية لأجل وطنك وشعبك، لن يستطيع ولو كتب مجلدات أن يفيك حقك.

فقد كنت فوق الصفات عند مواجهة الملمات، نعم لقد عاش الشهيد الفارس المغوار بطلاً وعَلماً بارزاً من أعلام الثورة الجنوبية والمدافعين عن أهدافها، ورحل رمزاً وطنياً محفوراً في ذاكرة ووجدان الجماهير.

إن الشهيد البطل والخسارة الجسيمة ستترك أثرها البالغ المرارة في قلوبنا، إلا أن رثاء الأبطال لا يكون بالدموع والإستسلام والأحزان.

بل بالاعتداد بمفاخرهم والوفاء لهم بمواصلة الطريق الذي اختطوه، والارتفاع بالمبادئ التي آمنوا بها، وتحقيق الأهداف التي رسموها واستشهدوا لأجلها.. فلك يا طوئــــــرة العهــــــد والوفــــــاء.

عمل الشهيد في السعودية ورأى أن لا عزة للإنسان إلا في وطنه، وعاد إلى الوطن ولكنه أدرك أنه في غربة أخرى، وبدون وطن كباقي الجنوبيين منذ احتلاله عام 1994م، وشمر عن سواعده من أجل القضية الجنوبية، تلك القضية التي آمن بها حتى النخاع.

شارك الشهيد في كل المهرجانات السلمية من أقصى الجنوب إلى أدناه، وكان السباق في الحشد والتنظيم والإعداد لها وبذل كل ما في وسعه من أجل إيصال النضال السلمي إلى مبتغاه، حتى صارت القضية الجنوبية متداولة في كل القنوات الدولية، ساهم في علاج الجرحى ومواساة أسر الشهداء، سواءً من ماله الخاص أو من حملة التبرعات التي كان يجمعها من أصحابه ورفاقه.

تعرض الشهيد طوئرة لاعتقالات ومحاولات اغتيال عديدة، حيث أعتقل في 30 نوفمبر 2007 م في نقطة دار سعد ولكن لم يثنه ذلك من مواصلة نضاله.

ثم اعتقل في مدينة الحبيلين أثناء مشاركته في أحد المهرجانات الجنوبية بتاريخ 22 /7/ 2008 م، وسجن بسجن الأمن العام، ثم نقل إلى سجن الأمن السياسي بلحج حتى أفرج عنه بتاريخ 28 /8/ 2008 م، تعرض خلالها لكل أشكال التعذيب والإساءة الجسدية والنفسية، بعد تحقيقات طويلة استمرت أحيانا في أوقات غير قانونية، وأحيل الى المحكمة وحكم عليه بالسجن عدة مرات لفترات متفاوتة أقصاها ستة أشهر مع وقف التنفيذ.

كان اسمه ضمن أهم الشخصيات المطلوبة أمنياً من قبل قوات نظام صنعاء ، ولوحق خلال كل أعوام نضاله بشدة وأشدها الثلاثة الأعوام الأخيرة قبل استشهاده، حيث تعرض الشهيد لمحاولات إغتيال عديدة، أخطرها تفجير سيارته بعبوة ناسفة بالقرب من منزله.

عندما قامت قوات نظام صنعاء بحملتها العسكرية لاقتحام ردفان وقف كباقي الثوار بالمرصاد، وشارك باستبسال في التصدي لهذه الحملة والذود عن الأرض والعرض وشارك في كل جبهات الصمود ابتداءً من جبل لحمرين بحالمين إلى الرويد المدخل الجنوبي لمديرية ردفان وشرقاً إلى جبال العر الأبية في يافع، حيث سطر ورفاقه أروع معاني التضحية والصمود عندما استطاعوا طرد فلول نظام صنعاء متمثلة في قوات الحرس الجمهوري التي كانت متمركزة في جبل العر.

انتقل بعدها إلى جبهة أخرى بمديرية ردفان حيث ترابط الثكنة العسكرية لقوات نظام صنعاء في القطاع الغربي والنقطة العسكرية على مدخل المديرية الشمالي التي قتلت وسفكت دماء كثير من الجنوبيين الزكية، وتستفز المارة كل يوم وتسلب النوم من عيون سكان مدينة الحبيلين كل ليلة بطلقات المدافع والدبابات على منازل المواطنين من مواقعها المطلة على المدينة، حيث خاضوا معها قتال شرس وصف بأنه الأعنف، كبدوا خلالها قوات نظام صنعاء كثير من الخسائر في العتاد والأرواح، استطاعوا من خلالها السيطرة على النقطة العسكرية مع فجر ذلك اليوم.

وفي الصباح فاجأتهم قوة عسكرية كبيرة معززة بالدبابات والمدرعات وكثير من الأطقم العسكرية وواجهوها ببسالة واستماتة متسلحين بإيمانهم القوي بعدالة قضيتهم التي أنذر الشهيد روحه الزكية رخيصة في سبيلها.

في صباح ذلك اليوم الجمعة 10 /6/ 2011 م بعد مقاومة عظيمة، حيث لم يسقط رغم إصابته البالغة وظل يقاوم باستماتة حتى اخترقت رصاصات القدر صدره وتلك هي نفس الرصاصات التي أزهقت أرواح من سبقه من قوافل الشهداء في سبيل الحرية والكرامة واستعادت الهوية المسلوبة.

لقد كان قائداً فذاً ومناضلاً صلباً لا تلين له قناة، فصنع مجده بشجاعته وتضحياته واستحق الخلود بجدارة.

فلك تيجــان المجــــد وسرمــدية الخلــود.

رحم الله شهيدنا وطيب ثراه وتغمده بواسع رحمته ورضوانه وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى