صحيفة دولية: إحياء باهت لذكرى أحداث 11 فبراير يعكس أزمة الإخوان في اليمن

عدن24| العرب:

فشل حزب التجمّع اليمني للإصلاح في الحشد لتظاهرات كان ينوي تنظيمها الأحد إحياء لذكرى أحداث الحادي عشر من فبراير 2011 التي تسمّيها جماعة الأخوان المسلمين التي ينتمي إليها الحزب “ثورة” على نظام الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح، وتعتبرها قوى سياسية أخرى وشرائح واسعة من اليمنيين انقلابا إخوانيا على النظام الذي كان الإخوان أنفسهم ممثلين فيه عن طريق عدد من شخصياتهم القيادية.

وكانت العاصمة اليمنية صنعاء قد شهدت في التاريخ المذكور تظاهرات واعتصامات جاءت امتدادا لأحداث الربيع العربي، ووقفت وراءها جماعة الإخوان المسلمين سعيا لإسقاط النظام والوصول إلى الحكم، لكنّ الأحداث انفلتت وتحوّلت إلى حرب أهلية أفضت إلى سقوط صنعاء ومساحات واسعة من البلاد ومعها غالبية مؤسسات الدولة اليمنية بيد جماعة الحوثي الموالية لإيران.

وأفضت الأوضاع التي ترتّبت على تلك الأحداث من احتراب داخلي وانهيار اقتصادي وتردّ شديد في الأوضاع الاجتماعية، إلى تلاشي آثار “ثورة” 11 فبراير وانحسار أعداد اليمنيين المناصرين لها بما في ذلك جمهور جماعة الإخوان المسلمين الذي اكتوى مثل غيره من اليمنيين بسوء الأوضاع الناجمة عن سقوط النظام وفشل الدولة.

وتجلّى ذلك الانحسار في ضآلة عدد المشاركين في إحياء الذكرى الذي اقتصر على مدينة تعز أحد آخر معاقل جماعة الإخوان في اليمن، بعد أن طردهم الحوثيون من صنعاء ومختلف مناطق الشمال باستثناء محافظة مأرب شرقي العاصمة. وكان لافتا عدم تنظيم أي تظاهرات في مأرب رغم وقوع سلطاتها المحلّية تحت سيطرة حزب التجمّع اليمني للإصلاح، حيث منعت السلطات هناك تنظيم أي أنشطة جماهيرية ذات صلة بالحدث.

وأرجعت مصادر يمنية ذلك إلى عاملين أولهما وجود خلافات حادّة وانقسامات في صفوف الإخوان في اليمن بسبب وجود شقّ بات يطالب علانية بالتصالح مع الحوثيين والتحالف معهم ضدّ المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستقلال دولة الجنوب، وثانيهما أن لحزب الإصلاح مصالح كبيرة في مأرب الغنية بالنفط تدفعه إلى الحفاظ على الهدوء في المحافظة وعدم إثارة حفيظة فاعلين مهمّين في السلطة المعترف بها دوليا، حيث يشغل المحافظ سلطان العرادة عضوية مجلس القيادة الرئاسي الذي يقوده رشاد العليمي.

ونقلت مواقع إخبارية يمنية، الأحد، عن مصادر وصفتها بالمطّلعة، أنّ محافظ مأرب أصدر أمرا بمنع إقامة أي احتفالية بذكرى يوم 11 فبراير. وقالت إنّ القرار عكس توافقا بين حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح. وفي مدينة تعز حيث لا يزال الإخوان يحتفظون ببقايا نفوذ، تجمع بضع مئات من أنصار حزب الإصلاح بالشارع الرئيسي في المدينة ورفعوا أعلام الجمهورية اليمنية وشعارات تمجّد “ثورة فبراير” وتدعو إلى “استكمالها”.

وقالت مصادر محلّية في تعز إنّ جماعة الإخوان كانت تخطّط على مدى أسابيع لتنظيم احتفالات استثنائية بذكرى 11 فبراير لتكون بمثابة استعراض للقوة الجماهيرية ولإثبات أنّ الجماعة لا يزال لها حضورها القوي في مرحلة المسير نحو التسوية السلمية للملف اليمني وأنّها تستحقّ أن تلعب دورا محوريا في مرحلة ما بعد التسوية. وأضافت أنّ أعضاء من حزب الإصلاح حاولوا استخدام نفوذهم في السلطة المحلّية بتعز لإرغام سكان المدينة على المشاركة في تظاهرات يومي السبت والأحد، بالإضافة إلى استخدام أصحاب رؤوس أموال تابعين للحزب لقدراتهم المالية لإغراء قيادات مجتمعية لحث السكان على الانضمام إلى تلك التظاهرات.

كذلك ساهمت قيادات إخوانية يمنية مقيمة بالخارج في الدعوة إلى إحياء ذكرى “الثورة” والدفاع عنها. ونفت الناشطة الإخوانية توكّل كرمان وجود أي ارتباط لـ”ثورة 11 فبراير” بسقوط الدولة اليمنية. وقالت عبر حسابها في منصّة إكس “لا أخطاء لثورة فبراير. هي نقية الأهداف والكفاح والمقاصد، وكل الأخطاء والآثام والأوزار على تحالف الثورة المضادة؛ الحوثي والمخلوع (علي عبدالله صالح) وحلفائهم الإقليميين”، مضيفة قولها “11 فبراير ثورة مجيدة وعظيمة ومستمرة”.

واعتبر متابعون للشأن اليمني أنّ جماعة الإخوان أساءت الاختيار بمحاولتها “النفخ في رماد ثورة 11 فبراير” خلال هذه السنّة بالذات. وانتقد هؤلاء ما اعتبروه “انفصال الجماعة وحزب الإصلاح الذي يمثلها عن الواقع بالغ الصعوبة في البلاد والذي أفقد سكّانها أي حماس لشعارات الأحزاب الحالمة بالثورات والانتفاضات الشعبية”. ويشير هؤلاء إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة القائمة في اليمن، لاسيما في مناطق السلطة المعترف بها دوليا حيث يحتفظ الإخوان ببقايا نفوذ في بعض نواحيها، وحيث تُحذّر جهات نقابية ومنظمات مدنية من مجاعة تداهم سكّانها.

واتّهم الصحافي فتحي بن لزرق حزب الإصلاح بالمسؤولية المباشرة عما آلت إليه الأوضاع اليمنية من سوء. وقال في منشور على منصّة إكس “في ذكرى 11 فبراير هناك حقائق يجب أن تقال كي لا يُزيف التاريخ”، معتبرا أنّ الحوثيين دخلوا صنعاء في التاريخ المذكور وليس في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، وأن حزب الإصلاح هو أول من تحالف معهم وجاء بهم إلى العاصمة وليس علي عبدالله صالح.

وأضاف بن لزرق في منشوره “سقطت معسكرات الدولة ومؤسساتها في الجوف وصعدة وصنعاء بيد المجاميع الخارجة عن الدولة في 2011 وليس كما يحاول البعض أن يصوره بأنه حدث في 2014 فقط”. وأوضح بالقول “تعرضت الدولة لانقلاب متكامل الأركان في 2011 بداية، واستُكمل في 2014 حينما جاءت الميليشيات المسلحة وفرضت خيار القوة المسلحة لانتزاع الجزء الأكبر من سلطة الدولة وأسمت ما حدث بثورة، وأسمت ما قام به غيرها انقلابا، فيما كلاهما انقلاب”. وذكّر بأن حزب الإصلاح أصبح “بعد 2011 شريكا في نصف مناصب الدولة ومؤسساتها دون انتخابات، ولكن بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع”.

وعن الاستفادة الشخصية المباشرة لعناصر حزب الإصلاح من أحداث سنة 2011 وما أعقبها، قال الصحافي “جميع من خرجوا إلى الساحات من السياسيين كانوا فقراء معدمين مهمّشين وتحوّلوا اليوم إلى رجال أعمال وأثرياء وأصحاب مشاريع ضخمة في الخارج، وكل شعارات العدالة والمعيشة والحقوق لم يحققوا منها شيئا للشعب”، مؤكّدا أنّه “لم يتحقق شيء من أهداف أحداث 2011 بل على العكس، جميع من رفعوا شعاراتها عملوا بخلافها. فالواقع الذي خرج ضده ‘ثوار’ 2011 بالأمس بات اليوم حلما بعيد المنال عن متناول المواطن اليمني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى