من ذاكرة الجنوب.. في مواجهة الإرهاب(1)

كتب: د.صبري العفيف العلوي

ليس الجنوب العربي مجرد مساحة جغرافية على الأرض ترسم عليها حديد دولة، بل هو محور مركزي يصنع القرارات السياسية، ويغير خرائط ويحدد مسارات عدة، وتلك الحقيقة تأتي من قراءة الاحداث التاريخية، فلكل موقع تحدد له الأهمية وهذه ينطبق على الحدود والمسافات لخارطة الجنوب العربي حيت تداخلت الأزمات السياسية مع الموقع الجغرافي وعبرت حقب من التاريخ أكدت من الكثير من المرجعيات أن الممرات البحرية والجزر الجنوبية لم تسقط من حسابات أي مرحلة شهدت دوران من المواجهات الإقليمية والدولية.

وعندما نتتبع ظاهرة الإرهاب المستوردة الجنوب لاسيما مرحلة مواجهة الوجود الروسي في اليمن الجنوبي وتجلى بوضوح في حرب صيف 94م وخروج دولة الجنوب عن المعادلة السياسية وجد تلك التنظيمات بيئة خصبة بل أصبح شريكا رئيسا في النظام السياسي الحاكم وتعد مرحلة في ما بين عام2011) م، الى 2022)؛ من أكثر المراحل تبلورا وظهورا وشكلت خطرا كبيرا على حياة الشعب الجنوبي بشكل خاص ودول الجوار بشكل والاقليم والعالم بشكل عام، لاسيما بعد حرب 2015 حين سلمت السلطات اليمنية معظم محافظات الجنوب (عدن- حضرموت- شبوة- ابين- لحج- المهرة) للتنظيمات الارهابية المدعومة من الاطراف المتصارعة على السلطة في اليمن واستطاعت تلك التنظيمات المحضورة أن تضع لها موطئ قدم وبمساندة من السلطات اليمنية في صنعاء بكافة مكوناتها السياسية والعسكرية؛ بغرض تحقيق أغراض سياسية دنيئة؛ مستغلة الغطاء الديني لتشريج جرامها الارهابية؛ فتعرض المجتمع الجنوبي لعدد من الجرائم الإرهابية التي مازالت لهذه اللحظة تحصد أرواح الأبرياء وتدمر حياة كثير من أبناء هذا الشعب العظيم والصابر في مواجهة هذا العدو الدولي المشترك وصار شعب الجنوب يقدم أرواح ابناؤه وأمواله وممتلكاته وحرياته للخطر.

وفي قراءة تاريخ المواجهة كانت وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في 94م أول وثيقة عربية تشرع لمكافحة الإرهاب حيث أن بنود الوثيقة حددت خطورة تلك التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من صنعاء منطلقا لتهديد الأمن والاستقرار لمشروع الوحدة اليمنية، فقد احتلت الاهتمام الأكبر والمرتبة الأولى في معظم القضايا المطروحة في الوثيقة فقد كانت بالنسبة لحياة شعب الجنوب وقيادته تمثل وجودهم ومستقبل حياتهم لكونهم أصبحوا في مواجهة مباشرة مع تلك العصابات الاجرامية المدعومة من النظام القبلي والسياسي اليمني، ولأهميتها سنورد أبرز بنودها:

1 . تؤكد لجنة الحوار ما تضمنه بيان الحكومة بالنسبة للإجراءات الخاصة بمناهضة الإرهاب وضرورة الالتزام بسياسة اليمن المناهضة للإرهاب المحلي والخارجي، وأبعاد العناصر غير اليمنية التي تتوفر بحقها دلائل كافية لمزاولتها لأعمال تخالف سياسة اليمن وقوانينها أو تروج أو تحرض على مثل هذه الأعمال وإبعاد من تثبيت إدانتهم بعد محاكمة شرعية وعلنية تضمن فيها إجراءات العدالة وتنفيذ العقوبة القانونية ويتم ذلك عبر الأجهزة المختصة. ومنع استقدام أو دخول أو توظيف أو إيواء العناصر المتهمة بالإرهاب.

2- تعلن لجنة الحوار للقوى السياسية وقوفها ضد أي تهاون أو تلكوء عن اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة من قبل الأجهزة المعنية ضد المتورطين بالأعمال الإرهابية والتخريبية.
3- . يعتبر كل من يأوي متهماً أو التستر عليه تعلن الأجهزة الرسمية اسمه أو هارباً من السجن، مخالفاً للقانون وتتخذ ضده الإجراءات القانونية.

4- . توضع خطة لإلقاء القبض على الفارين.. والمطالبة عبر الإنتربول الدولي أو عبر القنوات الدبلوماسية بتسليم المتهمين من غير اليمنيين أو الفارين إلى الخارج من اليمنيين أو إجراء محاكمتهم غيابياً.
5- . تستكمل التحقيقات مع المتهمين في قضايا الإرهاب والتخريب بعد إجراء التحريات وجمع المعلومات وفي إطار تكامل التحقيقات والربط بين القضايا ويتولى التحقيق في هذه القضايا محققون مختصون وأكفاء تتوفر فيهم الحيدة، وعلى أن تحال القضايا إلى النيابة أولاً بأول.
6- تؤكد لجنة الحوار للقوى السياسية على سرعة إصدار لائحة حمل السلاح وتنظيم العمل بها، والنظر في القانون الحالي لجعله أكثر صرامة للحد من حمل السلاح وانتشاره والاتجار به.
7- . يتم التحري والتأكد من وجود معسكرات أو مقرات للإعداد والتدريب على أعمال العنف واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها.
8- . لا تتجاوز خطة التنفيذ وإجراءاته مدة ثلاثة أشهر.
9- . كل الإجراءات المذكورة في البنود السابقة تتم وفقاً للقوانين النافذة وقواعد العدالة.

مما سبق تبين للقارئ أن بنود الوثيقة حددت خطورة تلك التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من صنعاء منطلقا لتهديد الامن والاستقرار لمشروع الوحدة اليمنية، فقد احتلت الاهتمام الأكبر والمرتبة الأولى في معظم القضايا المطروحة في الوثيقة فقد كانت بالنسبة لحياة شعب الجنوب وقيادته تمثل وجودهم ومستقبل حياتهم لكونهم أصبحوا في مواجهة مباشرة مع تلك العصابات الاجرامية المدعومة من النظام القبلي والسياسي اليمني.

وهذا ما يؤكد أن الجنوبيين يبحثون عن مشروع وطني مشترك لإنقاذ اليمن جنوبه وشماله من هذه للعصابات الاجرامية وكانت الوحدة بالنسبة لهم مشروعا والدليل على ذلك خطاب السيد علي سالم البيض في لقاء التوقيع على الوثيقة فلم يكن الحرب والانفصال مشروعا رغم ما يوجهه من مخاطر حتى اثناء الحرب والمواجهة والقتال بعد اعلان الحرب الشاملة وفتاوى التكفير ظل القرار السياسي للقيادة الجنوبية محتفظة بالعلاقة الوحدوية لعل وعسى ان تجد قيادات مخلصة لها في الطرف الاخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى