تحت مزاعم حماية القيم.. مليشيات الحوثي تصعد حربها ضد حريات اليمنيين

عدن24| متابعات:

في ظرف أيام معدودة، أغلقت الميليشيات الحوثية عدداً من النوادي والمقاهي وصالونات التجميل ومراكز العناية الصحية ونوادي السباحة في العاصمة صنعاء، ومنعت بيع الشيشة الإلكترونية، وأتلفت مئات من الحقائب المدرسية، بزعم وجود رسوم عليها تخالف القيم الدينية وثقافة المجتمع، في ممارسات يصفها السكان بـ«الطالبانية»، من طرف ميليشيات تصف مخالفيها بـ«الإرهابيين والدواعش».
وفرضت الجماعة في المدارس والجامعات قيوداً على الطلاب تتعلق بالملابس، وتعدّت ذلك إلى منع الأحاديث بين الذكور والإناث، وفرضت هذه القيود حتى على المعلمين، وتدخلت في خصوصيات الجميع، وحذرت بشدة من نشر أو عرض أي شعارات سياسية، بينما تنشر شعارها: «الصرخة الخمينية»، على كل الجدران، بما فيها قاعات الدراسة.
وأعلنت الميليشيات أنها أتلفت 300 حقيبة مدرسية، عبر مركزها الرقابي في منطقة عفار التابعة لمحافظة البيضاء (نحو 260 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء)، وهي المنطقة التي استحدثت فيها الميليشيات جمركاً للبضائع الآتية من المحافظات المحررة، وجاء إتلاف هذه الحقائب بزعم أن الرسومات التي عليها تحمل شعارات تتعارض مع ثقافة وأخلاق المجتمع اليمني.
وتنفذ الميليشيات حملات تحمل طابعي القمع والابتزاز تجاه التجار والبائعين. يقول أحد مالكي محلات المستلزمات المكتبية إن تهمة بيع منتجات تحمل صوراً ورسومات تخالف القيم الدينية والمجتمعية، كثيراً ما تكون مبرراً لمضاعفة الإتاوات، وإجبار التجار على دفع المزيد من المبالغ لمنع مصادرة منتجاتهم أو إتلافها.
وذكر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه تم ابتزازه وعدد من شركائه بسبب حقائب مدرسية، ضمن بضاعة قاموا باستيرادها، بمناسبة بدء العام الدراسي. وقد تم احتجاز البضاعة في أحد المنافذ الجمركية، وبعد أن دفعوا إتاوات في الجمرك التابع للميليشيات فوجئوا بقوة ميليشاوية تزورهم في محلاتهم لابتزازهم بنفس المبرر.
ويستغرب مالك محل المستلزمات المكتبية من ادعاء الميليشيات مخالفة تلك الرسوم للدين وقيم المجتمع؛ فهي مأخوذة من مسلسلات كرتون للأطفال، ويتم بثها عبر القنوات التلفزيونية العربية.
وفي جامعة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) علقت الميليشيات على بوابات الكليات وأروقتها وقاعاتها الدراسية، تعليمات بشأن مظهر الطلاب والطالبات، ملزمة إياهم بعدم ارتداء الملابس العصرية، وإجبارهم على المظهر التقليدي.
ولا يقتصر هذا الأمر على جامعة ذمار وحدها؛ فجميع المؤسسات التعليمية الواقعة تحت سيطرة الميليشيات شهدت، خلال الأعوام الماضية، إجراءات وقيوداً حوثية على الطلاب والطالبات، بزعم الحفاظ على القيم الدينية والعادات والتقاليد، في نفس الوقت الذي تفرض الميليشيات مناهج ومقررات دراسية تنشر الطائفية وتعزز الانقسام المجتمعي، بحسب ما يتداوله الناشطون والمراقبون.
يذكر أحد مدرسي علم الاجتماع بجامعة صنعاء أن رئاسة الجامعة التي تديرها الميليشيات فرضت عليه حذف كثير من الفقرات في المواد التي يدرسها، بزعم أنها تمثل غزواً فكرياً مقبلاً من الغرب، وتتناقض مع الدين الإسلامي والمجتمع اليمني، وطالبته بالاستفادة من ملازم حسين الحوثي، مؤسس الميليشيات، في مقرراته ومحاضراته.
الأسبوع الماضي، أغلقت الميليشيات عدداً من محلات «الشيشة الإلكترونية»، بذريعة إضرارها بالصحة، ونواديَ صحية نسائية بحجة مخالفتها للقيم الدينية والعادات والتقاليد، في حين قال مُلاك هذه المحلات والنوادي إن هذه التبريرات قائمة منذ سيطرة الميليشيات، وتتخذ كوسيلة للابتزاز وإجبارهم على دفع الإتاوات والاستجابة للجبايات.
وتسبب حملة إغلاق محلات «الشيشة الإلكترونية» بموجة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أوساط الأهالي في صنعاء، حيث يرى خالد الحدي أن سياسات الميليشيات وإجراءاتها تسببت بالمجاعة وانتشار الأوبئة وسوء التغذية، ثم تزعم أنها تسعى للحفاظ على صحة اليمنيين.
وتهكم أوس محمد سعيد، بقوله إن رؤية أنصار الحوثي في كل شارع ومدخل بناية حكومية أو نقطة تفتيش، إضافة إلى شعاراتهم المنتشرة فوق كل الجدران والمباني والسيارات، تتسبب بالامتعاض والغضب والقلق والتوتر والخوف، وهو ما يتسبب بتدهور الصحة واستسلام المرء للمرض، وبالتالي فالحوثيون آخر مَن يحق له الحديث عن صحة المواطنين.
وبحسب ما تردد من معلومات بعد إغلاق محلات «الشيشة الإلكترونية»؛ فإن العديد من هذه المحلات عادت لفتح أبوابها، إثر دفع مبالغ مالية كبيرة للميليشيات بعد أيام من إغلاقها، ما يؤكد أن الابتزاز والجباية سبب حملات الميليشيات لإغلاق هذه المحلات والنوادي. ويشدد مراقبون على أن خنق الحريات العامة والتضييق على اليمنيين ومراقبة تحركاتهم هو سلوك حوثي قائم منذ سيطرة الميليشيات، إلى جانب ممارسات الابتزاز، حيث يؤكد مدرس علم الاجتماع السابق ذكره أن الميليشيات تريد خلق مجتمع نمطي مطيع وتابع، ولا يجرؤ أفراده على تجاوز نهج وسلوك جماعة الحوثي.
يتابع المدرّس الذي فضل عدم ذكر اسمه لدواع تتعلق بسلامته بالقول: «إن أي جماعة متطرفة تسعى بطبعها لإجبار المجتمعات التي تسيطر عليها على السير وفق نهجها ومعاقبة من يخالفها ووصمه بتهم جسيمة، حيث تُعدّ ممارسة الحريات الفردية تمرداً وسلوكاً ينبغي قمعه، وعدم السماح بتكراره أو تقليده، وحرمان الجميع من التفكير خارج ذهنية الجماعة ومؤسسيها».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى