الجنوب لا يناضل لعودة الماضي

كتب / صالح علي الدويل باراس :

لا يمكن تغيير أحداث الماضي، لكن الأمانة الوطنية والسياسية والإعلامية؛ بل أمانة الخلاف والاختلاف تقتضي أن لا يتم توظيفها لتسويق زيف سياسي ووطني، فالانتقالي يحمل قضية وطنية مهما اختلف معه مخالفوه، ولم يلغِ أحدًا، والميدان واسع لمن أراد أن يعمل من أجل الجنوب.

الانتقالي لا يحمل مشروع الاشتراكي وليس مسؤولا عن أخطائه وخطيئاته، ولا يناضل الجنوبيون من أجل عودته ولا عودة بريطانيا ولا أي احتلال كما يزيّف البعض، بل من أجل استعادة هويته الجنوبية العربية التي سلبوها عشية استقلاله ولم يسلبها الاشتراكي بدرجة أساسية بل سلبها “دريويلات شبر والليوي، وكل الشعب قومية” إن كان البعض نسي دورهم أو يتناساه، ولولا إقصائيتهم أو غبائهم – ولن نقول مناطقيتهم – ما تسلق فتاح وبقية لغالغته لحكم الجنوب بعد أن يمننوه لهم عشية استقلاله.

بعض المروجين يتنكر لدور نخبهم في ذلك ويجعله لمناطق معينة في الجنوب في إطار إذكاء صراعات نخبوية جنوبية ليست في المجتمع الجنوبي بنفس عمقها في بعض النخب، ولو كانت في المجتمع لتحولت حربًا أهلية منذ فترة طويلة على طريقة الهوتو/التوتسي، لكن القبائل سواء في اليمن أو في الجنوب لا تحوّل الصراع السياسي مهما كان عنيفا إلى ثارات بل تضبطه بمعيار “صراع دول”.

تجربة الاشتراكي في الجنوب عقدين من الزمن وفي آخر صرعاته تقاتل قتلته وجعل أعداء الجنوب مقتلتهم تاريخا سياسيا للجنوب بينما رصد التاريخ السياسي لا يقاس بعقدين من الزمن، وما سهّل استغلالها أن نخبًا جنوبية ما زالت تذكيه لأنها أدمنت “الصراع للبقاء في الواجهة ” ساعدهم انفلات نخب إعلامية وشيوع أدوات التواصل الموبوءة لتقليب مواجعها والتحلل من مسؤولياتها بالتضليل.

هناك خطأ فظيع في تجربة الاشتراكي لكنه صار جزءًا من الماضي، وإذا كان ارتكب خطأ فدعاة اليمننة الحاليين أو من يرددون أن الجنوب لا يستطيع حكم نفسه لتحكمه اليمننة، يسيرون بالجنوب على نهج أفظع وأخطر من الخطأ، فمروجوها يتكلمون عن مجازر الاشتراكي وكأن اليمننة أتت توزع الورد منذ 1994م إلى 2015م وهي تتحرك في الجنوب تكفيرا وإرهابا وغزوا وقتلا وتدميرا ونهبا وما زالت حتى الآن مهما جنّدت من “أبواق” يمجدونها على حساب الحق الجنوبي الذي لن تضلله لا تغريدات تويتر ولا صفحات الفيس بوك ولا سفاهات البعض على صفحات الواتس آب فهذا الحق تعمّد بالدم، والعربي لا ينسى حقه ودمه ولو طال الزمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى