تقرير : عدن تتحول إلى مزارٍ للوفود الأممية والدولية

عدن / غازي العلــــــوي  : 

تحولت العاصمة الجنوبية عدن مؤخرا إلى قبلة ومزار للبعثات الأممية والدولية وسفراء الاتحاد الأوربي في إطار حراك سياسي متصاعد للدول الكبرى بهدف التوصل إلى تسوية سياسية شاملة من شأنها إيقاف الحرب والدخول في حوار سياسي يكون فيه المجلس الانتقالي الجنوبي طرفا رئيسيا وممثلا لشعب الجنوب في المفاوضات.

ويرى مراقبون وناشطون سياسيون في تصريحات خاصة لـ”الأمناء” أن الزيارات التي قام بها سفراء الاتحاد الأوروبي والمبعوث الأممي إلى اليمن هانز جروندبرج إلى العاصمة عدن ولقاءاتهم بقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي ومحافظ العاصمة عدن يؤكد مدى الأهمية الاستراتيجية التي باتت تحتلها العاصمة عدن وتبعث رسائل سياسية عديدة للعالم أجمع.

أول مسؤول أممي رفيع يزور عدن مرتين خلال شهر

كثف المبعوث الأممي لدى اليمن هانز جروندبرج من تحركاته الإقليمية خلال الأيام الماضية، والتي شهدت وصوله مرتين إلى العاصمة عدن خلال شهر واحد، وبعد مرور “4” أشهر من توليه منصبه، وهو الأمر الذي تعتبره مصادر سياسية رفيعة حدثًا غير عادي رغم ما يتم الترويج له من قبل وسائل إعلام جماعة الإخوان المسلمين، المسيطرة على مفاصل الشرعية اليمنية، بأن عدن غير آمنة وغير مستقرة ومحاولاتها وعبر قوى الإرهاب القيام بسلسلة من التفجيرات واستهداف قيادات الانتقالي الجنوبي والمرافق الحيوية في العاصمة عدن.

وتشهد عدن حضورا دبلوماسيا مكثفا خلال الفترة الماضية، كثمرة جهود المجلس الانتقالي الجنوبي لتطبيع الحياة وفرض الأمن والاستقرار.

بعد مغادرة جروندبرج بساعات.. المبعوث الأمريكي بعدن

وصل عصر أمس الاثنين المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينج، برفقة القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى اليمن كاثرين ويستلي، إلى العاصمة عدن، في جولة مباحثات جديدة.

والتقى الوفد الأمريكي لدى وصوله بوزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد عوض بن مبارك، ومحافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس، حيث جرى بحث الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة ومستقبل عملية السلام في ظل التصعيد والعدوان الحوثي المستمر ضد المدنيين.

وطالب المبعوث الأمريكي إلى اليمن في تصريحات صحفية، بالعمل على تنفيذ اتفاق الرياض، مشيرا إلى أهمية مواجهة الوضع الاقتصادي المقلق.

ويأتي وصول المبعوث الأمريكي إلى العاصمة عدن بالتزامن مع مغادرة المبعوث الأممي لليمن، هانز جروندبرج، لعدن متوجها إلى محافظة تعز اليمنية وبعد جملة من اللقاءات أجراها مسؤولون في الحكومة والسلطة المحلية.

المجتمع الدولي يلوذ بـ”الانتقالي” لإنهاء العدوان الحوثي

برهنت جملة من التحركات الداخلية والخارجية خلال الأيام الماضية على انعقاد آمال القوى الدولية والمحلية على المجلس الانتقالي الجنوبي لإنهاء الحرب الحوثية بعد أن أثبت قدرته على دحر العناصر الإرهابية والمليشيات المسلحة خلال السنوات الماضية.

ونجحت التحركات الدبلوماسية الحكيمة للمجلس في طرح قضية الجنوب بثقلها السياسي والعسكري كشريك موثوق في مواجهة الإرهاب الإيراني المدعوم إخوانيًا من مليشيات الشرعية.

وكشفت زيارة الوفد الأوروبي إلى العاصمة عدن ولقاءاته المهمة مع عدد من قادة المجلس على رأسهم الرئيس عيدروس الزٌبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، تزامنًا مع لقاء عمرو البيض الممثل الخاص لرئيس المجلس الانتقالي للشؤون الخارجية بالمبعوث الأممي إلى اليمن، هانز جروندبرج، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي عن إدراك أوروبي ودولي بأهمية توظيف الثقل الذي يحظى به المجلس في تحجيم المليشيات الحوثية الإرهابية وإرغامها على السلام.

ولأنّ قضية الإرهاب تشكل الهاجس الأكبر للمجتمع الغربي في نظرته لمنطقة الشرق الأوسط، فقد حرص الرئيس الزُبيدي على إطلاع الدبلوماسيين الأوروبيين أثناء لقائه بهم في مقر المجلس في الـ”27″ من أكتوبر الماضي على دور المجلس الانتقالي وقواته الأمنية كشريك دولي في مكافحة الإرهاب وحماية ممرات الملاحة الدولية في خليج عدن، والبحر الأحمر.

يرى مراقبون بأن نقل هذه الصورة تحمل أهمية بالغة فيما يتعلق بتوطيد أواصر القضية الجنوبية بشكل كامل، لا سيّما أنّ محاربة الإرهاب والتطرف أحد أهم الأهداف الاستراتيجية التي ترمي في نهاية المطاف إلى تحقيق الاستقرار في الجنوب.

زيارة الدبلوماسيين الأوروبيين إلى العاصمة عدن ولقاؤهم الرئيس عيدروس الزُبيدي، هي رسالة طمأنة لكل الجنوبيين، مفادها أنّ الجنوب لا يزال طرفا فاعلا وحاضرا على الطاولة بما يؤسس لحضور أكثر قوة في المرحلة المقبلة في أي مفاوضات مرتقبة للحل السياسي.

وحملت الاجتماعات المهمة رسالة إلى الشرعية، بأنّ محاولاتها للادعاء بأنها الكلمة العليا في الجنوب وتحديدًا في أن العاصمة عدن تخضع لها أمر من واقع الخيال، وأن الحرص الدولي على الاستماع لقيادات المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس الزُبيدي يعني أنّ هناك قضية وطن يُسمع لها.

كيف وصل الجنوب إلى هذه المرحلة؟

لعل سائلًا هنا قد يسأل: كيف وصل الجنوب إلى هذه النقطة؟ وهنا الإجابة واضحة إذ يعود الأمر بشكل واضح إلى السياسات الحكيمة التي اتبعها المجلس الانتقالي طوال الفترة الماضية، والتي وضعت مراعاة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب على رأس الأولويات مع الحرص على تغليب لغة السلام والاستقرار، دون أن يكون هناك أي تقصير تجاه قضية الجنوب الرئيسية وهي استعادة الدولة.

يبقى الأمر المهم الآن هو سيناريو المرحلة المقبلة، وهنا الحديث أصبح منصبًا على سير القضية الجنوبية ذاتها ومساعي الشعب الصامد نحو استعادة دولته مدعومًا بتحركات واعية حكيمة من قِبل قيادته الوطنية (المجلس الانتقالي).

ففي الوقت الذي يحرص فيه المجتمع الدولي على وضع حد للحرب القائمة منذ أكثر من سبع سنوات، فإنّ وضع الجنوب سيكون جزءًا من ذلك الحل، بمعنى أنّ المجتمع الدولي تشكلت لديه قناعة بأنّه لا يمكن تجاهل مطالب الجنوبيين الرامية إلى استعادة دولتهم وهو توجّه لا يمكن التراجع أو التخلي عنه.

رسائل سلام الانتقالي تؤتي ثمارها

العديد من الرسائل بعث بها المجلس الانتقالي خلال اللقاء المهم مع الدبلوماسيين الأوربيين، حيث أكّد الرئيس الزُبيدي استعداد قيادة المجلس للعودة إلى طاولة المفاوضات لاستكمال ما تبقى من بنود الاتفاق، وفي مقدمتها خروج القوات الموالية لجماعة الإخوان من أبين، وشبوة، ووادي حضرموت، وإعادة هيكلة وزارتي الدفاع والداخلية .

هذا الإعلان المهم من قِبل المجلس الانتقالي هو بمثابة إلقاء الكرة في الملعب الآخر، إذ يقول المجلس الانتقالي من خلال هذا التأكيد، أنه حريص على إنجاح اتفاق الرياض، وأنه ليس الطرف المعرقل، بل هو على استعداد للتجاوز عن عثرات الماضي التي ارتكبها الطرف الآخر وصولًا إلى إنجاح الاتفاق.

يعني هذا الأمر بكل وضوح أنّ المجلس الانتقالي لن يكون سببًا إذا ما تأزمت الأمور أكثر من ذلك في المرحلة المقبلة، فإصرار الشرعية على إفشال الاتفاق يحمل خطورة كبيرة فيما يخص الأوضاع الأمنية والسياسية، وما يستتبعه ذلك من خطورة تفشي الإرهاب الحوثي في ظل تمدّد المليشيات المدعومة من إيران على الأرض مستفيدة من الانسحابات المتتالية لمليشيا الشرعية الإخوانية.

رسالة سلام أخرى عبّر عنها الرئيس الزُبيدي، عندما أكّد موقف المجلس الداعم لجهود المبعوث الأممي للوصول إلى عملية سلام شاملة تُنهي الحرب في اليمن، وأهمية صياغة عملية سلام شاملة يكون المجلس الانتقالي الجنوبي طرفًا رئيسيًّا فيها منذ البداية بصفته ممثلا للشعب في الجنوب.

الجنوب ركيزة حقيقية لإنهاء الصراع

وعلى غرار تحركاته الدبلوماسية، يتبنى المجلس الانتقالي الجنوبي مبدأ ترشيد العمل العسكري، التزاما بتأكيدات الرئيس عيدروس الزُبيدي التزامه بمسار آمن لاستعادة دولة الجنوب، دون إفراط أو تفريط، وبالتالي فإن يقظة القوات المسلحة الجنوبية في الميدان، عامل حاسم في نظرة القوى الدولية والإقليمية للجنوب، ترجح دور الجنوب كركيزة حقيقية لإنهاء الصراع وطي صفحته، بعدما فشل التعويل على الشرعية الإخوانية التي ارتمت في أحضان المليشيات الحوثية وأضحت طرفًا صريحًا في محور الشر الإيراني التركي القطري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى