صحيفة دولية: مشاورات أممية في عمّان تمهيدا لنسخة مؤتمر الرياض2

عدن24| العرب


بدأ المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الأسبوع الثاني من مشاوراته مع المكونات اليمنية في العاصمة الأردنية عمان بلقاء وفد من المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد جولة سابقة شملت الالتقاء بمكونات وقوى مشاركة في الشرعية اليمنية مثل حزب المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح (إخوان) والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (قومي).

وقالت مصادر مقربة من أجواء المشاورات إن المبعوث سيستقبل خلال الأيام القليلة القادمة وفودا من المكتب السياسي لقوات المقاومة الوطنية الذي يقوده العميد طارق صالح ومكونات أخرى غير مشاركة في الحكومة اليمنية، بهدف توسيع دائرة المشاركين في الحوار السياسي لتشمل قوى فاعلة من خارج دائرة المكونات التقليدية.

وتأتي تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن في ظل معلومات متواترة عن بدء التحضيرات في العاصمة السعودية الرياض لإطلاق نسخة ثانية من “مؤتمر الرياض” الذي عقد في مايو 2015 عقب إطلاق عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل، واعتبر حينها إطارا سياسيا لرسم خارطة الاصطفافات في الأزمة اليمنية، فيما تشير مصادر “العرب” إلى أن النسخة الجديدة من المؤتمر ستعمل على إعادة بناء قائمة الأولويات السياسية والعسكرية في معسكر الشرعية وتقييم ومعالجة الأخطاء وتوسيع دائرة القوى المشاركة في القرار السياسي.

عزت مصطفى: ملامح هذه التسوية تتوافق مع تجارب فاشلة لغريفيث

وأشارت المصادر إلى أن مشاورات غروندبرغ ستشمل مكونات من المعسكر الحوثي، بهدف وضع إطار جديد لخطة المبعوث التي تقوم على مبدأ المسارات المتوازية والتي تعتمد -وفقا لمصادر “العرب”- على نهج تجزئة الملفات والخروج باتفاقات جزئية مثل الهدنة الاقتصادية وملف تبادل الأسرى وبعض الترتيبات المتعلقة بالتهدئة العسكرية والنشاط الإنساني، فيما سيتم ترحيل الملفات الأكثر تعقيدا في الشقين السياسي والعسكري إلى مرحلة لاحقة.

ويرى مراقبون للشأن اليمني أن غروندبرغ بات يسير على نهج سلفه مارتن غريفيث في السنوات الأولى من تعيينه مبعوثا أمميا لليمن، وهي المهمة التي بلغت ذروتها بالتوقيع على اتفاق السويد في العام 2018 قبل أن تصطدم بالكثير من الصعوبات والعوائق التي أوصلت غريفيث إلى طريق مسدود، نتيجة فشله في إحراز أي تقدم حقيقي على الأرض، بما في ذلك تنفيذ الشق الإنساني ووقف إطلاق النار في اتفاق السويد، نتيجة تعنت الميليشيات الحوثية وفشل رهانات المبعوث في تركيز الضغوط على جانب الحكومة الشرعية التي أبدت تشبثا كبيرا بالقرار الأممي 2216 ومرجعيات الحل الثلاثة الواردة في القرار.

وتشير المعطيات حول أسباب التعثر المحتمل لجهود المبعوث إلى اعتماد غروندبرغ على فريق العمل ذاته الذي رسم مسار عمل المبعوثين السابقين، والذي هيمنت رؤيته الأحادية الجامدة وغير المرنة للأزمة اليمنية على نشاط وتحركات مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن والتي تغلب عليها -وفقا لمراقبين- المواقف الشخصية والعلاقات الخاصة وغياب الخيال السياسي والآفاق غير التقليدية للحل.

ويؤكد خبراء أن تغيير المبعوث الأممي إلى اليمن ليس كفيلا وحده بتبديل طريقة تعاطي الأمم المتحدة مع الأزمة اليمنية بشكل أكثر واقعية، حيث يتطلب إحداث مثل هذا التحول الإيجابي تغييرا شاملا لأعضاء فريق عمل المبعوث وخصوصاً المحليين منهم الذين بات غروندبرغ يتعامل مع الأزمة عبر رؤيتهم الخاصة المغلفة بمواقفهم الأيديولوجية والسياسية تجاه الملف اليمني والتي لا تخلو من الانحياز.

وتعليقا على المشاورات التي يجريها المبعوث الأممي حول الملف اليمني وصف عزت مصطفى، رئيس مركز فنار لبحوث السياسات، اللقاءات التي يعقدها المبعوث الأممي مع المكونات اليمنية في الأردن بأنها “لقاءات شكلية وتمهيدية لتقديم إطار عمله للعملية السياسية التي يشتغل عليها إلى الرئيس هادي والحوثيين”.

واعتبر مصطفى في تصريح لـ”العرب” أن “هدفها في الأساس إقصاء المكونات التي يلتقي بها في العاصمة الأردنية من مضامين المرحلة الأولى من خطته والاكتفاء بصرف الوعود لهذه المكونات باستيعابها ضمن المراحل اللاحقة للتسوية السياسية التي تبدو جاهزة في إضبارة المبعوث الأممي”، لافتا إلى أن “نجاح هذه الخطة والوصول إلى التوقيع عليها غير مضمونيْن لأن ملامح هذه التسوية وطريقة العمل للوصول إليها تتوافقان مع التجارب الفاشلة التي سبق أن عمل عليها المبعوث السابق مارتن غريفيث”.

ومن الواضح حتى الآن أن المكونات التي التقى بها المبعوث قد تعاطت مع اللقاءات بطريقة متباينة؛ فالأحزاب السياسية ذهبت لتدعم موقف تحالفها السياسي الهش كي تضمن استيعابها المحدود في المشاورات ضمن التقاسم بينها الذي سيحدد برعاية الرئيس عبدربه منصور هادي، والمكونات التي ظلت مستثناة في الفترات السابقة تحاول إقناع المبعوث باستيعابها وهذا أمر مستبعد تحقيقه عبر المبعوث.

في المقابل يلتقي المجلس الانتقالي الجنوبي بالمبعوث الأممي كإجراء روتيني وتلبية للدعوة الموجهة إليه لأنه يدرك أن إشراكه في المشاورات النهائية مرتبط بتنفيذ اتفاق الرياض بينه وبين الشرعية اليمنية، لذلك فالأهم بالنسبة إلى الانتقالي هو الوصول إلى صيغة عملية مع الشرعية حول نسب التمثيل ضمن الوفد الذي سيواجه الحوثيين في المشاورات النهائية.

ويعتبر مصطفى أن “هذا لا يمكن أن يتحقق عبر المبعوث الأممي بل تحسمه التفاهمات الثنائية مع الشرعية برعاية إقليمية من التحالف العربي وأساسا السعودية التي رعت اتفاق الرياض، أو عبر نسخة جديدة من مؤتمر الرياض 2015 يكون ضمن مخرجاتها تحديد حصص الأطراف التي ستشارك في المشاورات في وفد الشرعية وقد تضع ضمن مخرجاتها اعتبار اتفاق الرياض 2019 واحدة من مرجعيات الحل السياسي”.

ومن جهته قال الباحث السياسي اليمني سعيد بكران إن “كل المؤشرات تؤكد أن جهود المبعوث الأممي ومعه المبعوث الأميركي يحيط بها الفشل من كل اتجاه ولأسباب كثيرة، في ظل ما يعتمل اليوم من صراع دولي بين أقطاب الفعل الدولي المؤثرين، وقد وصلت تداعيات ذلك إلى حد تعليق إبرام الاتفاق النووي الإيراني – الغربي”.

ولفت بكران في تصريح لـ”العرب” إلى أن كل الجهود التفاوضية باتت مرهونة بنتائج وتفاعلات الحالة الدولية “ومن هذا المنطلق يمكن الحكم على مصير الجهود التفاوضية التي يقودها المبعوث الأممي كممثل عن المعسكر الغربي مع الحوثيين المرتبطين بإيران والروس”.

وحول التسريبات عن تحركات في الرياض بخصوص إعادة ترتيب أوراق الشرعية أضاف بكران “أعتقد أن الوقت مناسب لتتقدم الرياض برؤية أكثر وضوحاً لأطراف الشرعية وتدفع بهم نحو لملمة الصفوف وإعادة ترتيب الوضع لأن الموقف الدولي الخطير والمتغير كلياً يفرض إعادة صياغة الشرعية وترتيب أوراقها لمواجهة استحقاقات الداخل والخارج”.

وفي السياق ذاته اعتبر يعقوب السفياني، مدير مركز سوث 24 للأخبار والدراسات في عدن، أن سعي الأمم المتحدة لتحقيق تقدم في عملية السلام باليمن والعملية السياسية الشاملة مرتبط بأن تكون الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن وراء تحقيق ذلك التقدم، مشيرا إلى أن هذا النهج الأممي يفسر بوضوح الدعم الخجول الذي أظهره مارتن غريفيث ومن بعده غروندبرغ لاتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية.

وحول الأنباء الواردة عن قرب عقد مؤتمر الرياض2 قال السفياني في تصريح للعرب “الحديث عن عقد هذا المؤتمر سبق اجتماعات المبعوث الأممي الثنائية مع الأطراف اليمنية في العاصمة الأردنية عمان ويبدو أن لقاءات عمان -مع أملنا في أن تحقق شيئا- كانت خطوة استباقية لبقاء مفاتيح العملية السياسية في اليمن في يد الأمم المتحدة مع أنها لم تحقق الكثير في هذا المضمار طيلة الأعوام السابقة”.

وتابع “حتى اتفاق الحديدة الجزئي أضحى جزءا كبيرا من المشكلة مع الحوثيين عندما لم تستطع الأمم المتحدة إلزامهم به، فيما تتمسك الأمم المتحدة بشمولية العملية السياسية وتتوجس من أي تقارب بين الأطراف المضادة للحوثي اعتقادا منها بأن هذا قد يدفع نحو المزيد من الحرب ضد الجماعة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى